: آخر تحديث

ومن مثلك يا أبا سلمان (5)

14
18
17
مواضيع ذات صلة

وقفتُ عند أكثر من محور من لقاء ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بل إني توقفت عند كل المحاور، أتأمل مضمونها، وأبعادها، وتداعياتها فيما بعد، وكنت واثقاً وعلى يقين بأن محمد بن سلمان لا يلقي الكلام على عواهنه، وإنما يتحدث وما يعنيه في حديثه أن تتحرك القاطرة وفق ما رسمه سموه لها، ولا خيار آخر بديل عن أهدافه المرسومة.

                   (الأجزاء الأربعة السابقة من المقال)

ومن مثلك يا أبا سلمان (1)
ومن مثلك يا أبا سلمان (2)
ومن مثلك يا أبا سلمان (3)
ومن مثلك يا أبا سلمان (4)

* *

مما لفت نظري في حوار الأمير، أن هناك محاولة من المملكة للانضمام إلى مجموعة الدول السبع، سابقة لدعوة المملكة إلى الانضمام إلى مجموعة بريكس، وكلا المجموعتين في داخل مجموعة العشرين، لم تتحقق الأولى، وتم الترحيب للانضمام للثانية، وكان رأي ولي العهد أن تصبح المملكة في إحدى المجموعتين، لأن المملكة إذا لم تكن ضمن إحدى المجموعتين قد يمثل ذلك صعوبات اقتصادية لنا، وفي كل الأحوال فمجموعة بريكس ليست مناوئة لأمريكا ولا للغرب، وليست تحالفاً سياسياً.

* *

الأمير محمد يتحدث كثيراً كل سنة مع الرئيس الصيني، ورأيه في الرئيس (شي) أنه يحاول أن يصنع الأفضل للصين، وله الحق في ذلك -يقول الأمير- فهو زعيم دولة، ويريد لدولته أن تنجح وتنمو، وشعبه يتجاوز المليار نسمة، وإذا ما فشلت هذه الدولة، فالكل في العالم سوف يفشل بما في ذلك أمريكا -بحسب رأي الأمير محمد بن سلمان- لأن فشلها يعني 13 أو 14 % من الناتج الإجمالي العالمي، ففي الصين ما يقارب 15 إلى 20 % من التعداد السكاني للعالم.

* *

بهذه العقلية، والتفكير النظيف، والرؤية السليمة، يتحدث ولي العهد، وكأنه يعطي دروساً في المنهجية الصحيحة للأسلوب الذي يجب أن يُتَّبع في العلاقات الدولية الصحيحة، وقد يذهب إلى ما هو أكثر جرأة وصراحة في إبداء وجهات نظره، فها هو يتحدث عن تيوان، ويقول إنه يؤمن بمبدأ الصين الواحدة، وأعتقد أن أمريكا تؤمن بالشيء نفسه، وهناك بعض الترتيبات التي يتعين التقيد بها، والصينيون يحترمون ذلك، كما يعتقد سمو الأمير.

* *

المملكة أصبحت دولةً مؤثرةً، ووسيطًا نزيهًا، ووسطية في التعامل المعتدل، يؤكد ذلك ما قاله الأمير من أن ما يحدث في الحرب الروسية-الأوكرانية هو أمر سيئ، لا أحد يريد رؤيته، أن تغزو بلداً فهذا أمر يعارض قواعد الأمم المتحدة، المملكة صوتت ضد هذا الغزو، لكن الروس لديهم حجة لما قاموا به، بسبب توسيع الناتو، ولديهم قائمة حجج، والمملكة لديها علاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا، وعلاقات تجارية مذهلة وجوهرية مع كل منهما، ومن جهتنا سوف نسعى جاهدين للمضي قدماً لحل هذه المشكلة.

* *

أثار محاور الأمير قضية جمال خاشقجي، مع أنها قضية أُغلقت تماماً، بعد أن قامت المملكة -والحديث للأمير- باتخاذ جميع التدابير القانونية التي تتخذها أي دولة، مثلما كان الحال عندما ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أخطاء في العراق، قاموا بإجراء التحقيقات والمحاكمات إلى آخره، وفعلنا في المملكة ذلك، وخلال السنوات الخمس الماضية لم يحدث شيء من هذا القبيل، كان خطأً موجعاً، ونعمل على إصلاح نظامنا للتأكد من سلامة الجميع.

* *

وبشجاعة واعتراف صريح بما حدث، لم يتردد الأمير الشاب من القول بصحة الحكم على سعودي بالإعدام جراء نشره تغريدة، وأن سموه يأسف لذلك، وأنه شيء لا يعجبه، وهنا نبذل أقصى جهدنا لتغييره، وقمنا بالفعل بسَنِّ عدد من القوانين، وغيَّرنا عشرات القوانين، والتغيير وفقاً للأولوية يوماً بعد يوم، والنظام القضائي يجب أن يتبع القوانين، ولا يمكنني أن أملي على القضاة أن يفعلوا أمراً معيَّناً، ويتجاهلوا القانون، هذا ضد مبدأ سيادة القانون، وبالنسبة لهذا الشاب فهناك عدد من الخطوات في إجراءات المحاكمة، وآمل أن المرحلة القادمة من المحاكمة أن يكون لدى القضاة خبرات أكثر، وربما ينظرون إلى الموقف بطريقة مختلفة تماماً.

* *

بمثل هذا الكلام لولي العهد، يتأكد للمواطن أنه في أيدٍ أمينة، وأنه محمي بالقانون، وبالقيادة التي تحميه، ولا خوف في ظل نظام كنظام المملكة، في أولويات اهتماماته الحرص على عدم الإضرار بالمواطن، وحماية حقوقه، وتلمس توفير الأمان له.
(يتبع)


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد