: آخر تحديث

الإمارات والسعودية في «بريكس»

22
14
25
مواضيع ذات صلة

يشهد النظام العالمي تطوراً في التحالفات والتكتلات التي بدأت خلال العقد الماضي، حتى أصبح هذا التنوع اليوم واقعاً حتمياً أمام الولايات المتحدة الأميركية التي بدورها، ومعها كتلة الغرب، تشهد تراجعاً لنفوذها في الشرق الأوسط، بعد أن كان يُنظر إليها في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين بوصفها القوة المهيمنة عالمياً، والتي تحظى بصداقات تاريخية وتحالفات قوية مع دول المنطقة، وخصوصاً في الخليج العربي.
مجموعة «بريكس» تكتلٌ اقتصادي كبير يضم خمس دول أساسية هي روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، وقد تم تأسيسه في عام 2009، ثم أَعلن في 24 أغسطس 2023، خلال قمته المنعقدة في جنوب أفريقيا، انضمامَ ست دول جديدة بينها مصر والسعودية والإمارات، وذلك اعتباراً من 1 يناير 2024، ليرتفع بذلك عدد أعضاء بريكس إلى 11 دولة تساهم بنحو 30% من الناتج الإجمالي للاقتصاد العالمي.
ومن المرجح أن تستحوذ المجموعةُ بعد انضمام قائمة الدول الجديدة على 42% من إنتاج النفط و38% من إنتاج الغاز، و67% من إنتاج الفحم، وذلك بفضل انضمام دول مصدّرة للنفط والغاز مثل المملكة العربية السعودية ودولة والإمارات العربية المتحدة، مما سيمنح زخماً جديداً لآليات التعاون داخل المجموعة، كما سيسمح بتحقيق عائدات اقتصادية وسياسية كبيرة، لما يميز اقتصادي الدولتين من قوة نمو وتأثير.
فالسعودية والإمارات من أهم اللاعبين الرئيسيين في أسواق الطاقة العالمية، وانضمامهما إلى مجموعة بريكس يضيف الكثيرَ من المزايا للمجموعة، أهمها استقرار أمن إمدادات الطاقة لكبار المستهلكين، وتحديداً الصين والهند، وفتح الباب أمام آفاق جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع الكثير من دول العالم وخاصة دول المجموعة التي تعد من أسرع اقتصادات العالم نمواً وازدهاراً.
إن الانضمام لمجموعة بزخم وحجم بريكس يعدُّ محطةً مهمةً في تحول موازين القوى الاقتصادية العالمية، فالإمارات والسعودية مرشحتان لتكونا دولتين رائدتين في مجال إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء التي يرجح أن تنافس الوقود الأحفوري.
كما يتيح انضمام مصر لمجموعة بريكس الكثير من الفرص الاقتصادية والاستثمارية في مجال التبادل التجاري بينها وبين بقية أعضاء المجموعة، وهو تبادل يتجاوز في الوقت الحالي 31 مليار دولار.
لكن عضوية المجموعة ستمنح مصر فرصةً مثاليةً لتوسيع معاملاتها الاقتصادية بعملات محلية تحرر اقتصادها من قبضة الدولار. وتسعى السعودية والإمارات معاً إلى تحقيق وضمان مصالحهما الوطنية بشكل مستقل، تبعاً لوزنهما الاقتصادي والسياسي، وتبعاً لما تقتضيه هذه المصالح إزاء المتغيرات العالمية.
وهذا لا يعني بحال من الأحوال التنصلَ من الصداقة التقليدية مع واشنطن والغرب، بل يعني تقديم السياسات والمصالح الوطنية على كل ما عداها. وهذا ما أدى إلى توطيد العلاقات مع الصين وروسيا، وعقْد بعض الاتفاقيات وحل الخلافات كما حدث بين السعودية وإيران. فالأخيرة عضو جديد هي أيضاً في مجموعة بريكس. إن سعي هذه الدول إلى ضمان مصالحها من خلال الانضمام إلى بريكس يعد أمراً حيوياً واتجاهاً طبيعياً في عالم تتقاطع فيه المصالح وتتغير فيه التحالفات القديمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد