عثمان بن حمد أباالخيل
الإيثار والنرجسية سلوكان مختلفان متضادان، سلوكان من المستحيل أن يجتمعا داخل إنسان واحد فهما لا يلتقيان تحت أي مسمى. الإيثار هو خلق حميد لا يتصف به إلا الأشخاص الذين تربوا على هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام والإيثار هو تفضيل الآخرين وتقديم مصلحتهم على المصلحة الذاتية، وهو أعلى درجات السخاء والجود. أتساءل: هل يوجد من يتصف بهذه الصفات في زمننا الحاضر؟ نعم يوجد لكنهم قلّه. قال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9). شخصياً لا تعجبني النرجسية ولا أتعامل مع الإنسان النرجسي إلا في حدود ضيّقة، الإنسان النرجسي هو الذي يشعر بالفخامة والغطرسة، والحاجة المستمرة للإعجاب، والافتقار إلى التعاطف مع الآخرين، وتضخيم الإنجازات الشخصية هو الإنسان الذي يضخم نفسه والانشغال بخيالات القوة والنجاح، واستغلال الآخرين، والشعور بالاستحقاق، والسلوكيات المتكبرة، والمتغطرسة. عندما ينزعج النرجسي، يُلقي باللوم على الآخرين في مشاعره بدلاً من الاعتراف بدوره في الموقف. بدلاً من محاسبة نفسه، يشتكي من ظلم الآخرين.
يتفق خبراء الصحة النفسية على أن النرجسية باتت أكثر انتشاراً ووضوحاً في الحياة اليومية. وليس من الغريب الانتشار الهائل لصور «السيلفي» في مواقع التواصل الاجتماعي. كلمة (النرجسية) جاءت من الأسطورة اليونانية للنركسوس Narcissus، الصبي الجميل الذي وقع في حب صورته المنعكسة في الماء. كل ما أخشاه الخلط بين الإنسان النرجسي والإنسان الواثق من نفسه.
الإيثار يتعلّق بتقديم مساعدة غير أنانية للآخرين من أجل رفاهيتهم، بينما النرجسية هي سمة تتمحور حول الأنانية المفرطة والبحث عن الإعجاب والتفوق الذاتي. قد يكون الإنسان النرجسي هو أحد أفراد الأسرة، ففي هذه الحالة نحن مجبورون على التعامل معه وهذا يحدث كثيرًا في مجتمعنا والتعامل معه بحذر وفي حدود ضيّقة فهو لا يرى سوى نفسه ولا يهمه مَن حوله ولا كيف يتعامل معهم فهو إنسان يؤذي المشاعر ويرقص عليها، إنسان يرتقي على أكتاف الآخرين غير مكترث بوجودهم. كل ما أتمناه ويتمناه معي الكثيرون هو غرس حب الإيثار في نفوس الأطفال منذ نعومة أظفارهم والتركيز على العطاء والمحبة وتبادل الهدايا. في لهجتنا العامية نقول: (شايف نفسه)، ألا تعلمون أن هذا هو الإنسان النرجسي الذي يرى نفسه أفضل من الآخرين في كل شيء، سواء في المظهر أو الذكاء أو المكانة الاجتماعية، مما يجعله متعالياً ويتصرَّف بطريقة تدل على الاستعلاء والفوقية.. كفانا الله وإياكم النرجسية. أقولها نصيحة لن تنال الاحترام طالما كنت (شايف نفسك)، التواضع هو عنوان الثقة بالنفس وعنوان التقرّب من الآخرين والإيثار هو جوهره هو فعل الخير دون انتظار جزاء.
همسة
حب الذات ليس أنانية إذا كان حباً متزناً لا يؤذي الآخرين، وإذا حدث ذلك فهي النرجسية التي أمقتها.