عامٌ دراسيٌّ جديد يطل علينا، يحمل في طياته الأمل والتفاؤل، كصفحةٍ بيضاء نخطّ عليها أحلامنا وطموحاتنا. إنه دورة زمنية جديدة يشحذ فيها الجميع عزائمهم ويجددون طاقتهم من أجل جهادٍ علمي يثمر حصادًا مباركًا، أساسه بناء جيل واعٍ فكريًا وذهنيًا، يسير على خطى أجيالٍ سبقت فأنارت دروب العلم والمعرفة ورفعت اسمها عاليًا في المحافل الفكرية والعملية على مستوى العالم.
وما يميز مملكتنا الغالية أنها لا تكتفي بالسعي وراء التميز العلمي فحسب، بل تجعل من الموروث الديني ركيزة أساسية في منظومة التعليم والتشريع والتعاملات. وهذا ما يمنح مسيرتنا التعليمية خصوصيةً فريدة، إذ تمزج بين ثبات القيم وروح التطوير، لتظل في حالة جهاد دائم نحو الارتقاء بالعلم والخدمات الوطنية وفق أعلى معايير الإنسانية والاستحقاق.
ومن هنا، تتجدد مسؤوليتنا نحن أولياء الأمور والمربين في أن نغرس في أبنائنا هذه الرؤية المتوازنة، فنهيئهم ليكونوا قادة الغد، يجمعون بين نور العلم، ويسهمون في نهضة وطننا العزيز.
ومع بداية العام الدراسي الجديد، تبذل الأسرة جهدًا كبيرًا في تهيئة الأبناء نفسيًا ومعنويًا ليستقبلوا هذه المرحلة بحماس ولهفة. ويبرز ذلك في إعادة ترتيب الروتين اليومي بين النوم والراحة والدراسة، وبذل عناية خاصة في تعديل أوقات النوم بعد الإجازة الطويلة، ليكون الانتقال أكثر مرونة وسلاسة. هذه الخطوات البسيطة في ظاهرها تصنع فارقًا كبيرًا في استعداد الطالب لعام دراسي حافل بالإنجازات والعطاء.
فالتعليم ليس مجرد درجات تُسجَّل في الشهادات، بل رسالة سامية تبني عقلًا واعيًا وشخصية متزنة. من المهم أن نغرس في أبنائنا قناعة أن العلم طريق لصناعة مستقبل أفضل وخدمة الوطن والإنسانية. وقيمتنا الحقيقية في التعلم لا تُقاس بما نكتب على الورق، بل بما نزرعه من معرفة وإبداع في نفوس أبنائنا.
ولا شك أن متابعة أداء الأبناء تمثل ركيزة أساسية في تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وترسيخ علاقتهم ببيئتهم التعليمية، فنجاح الطالب ليس نتاج جهده الفردي فقط، بل ثمرة تعاون حقيقي بين البيت والمدرسة. ومن هنا، يصبح التواصل البنّاء مع المعلمين والإدارة عاملًا محوريًا في توفير مسار صحي وآمن لتفوق الأبناء وتحقيقهم أعلى درجات التحصيل والإبداع. وفي ظل هذا التعاون، قد تُكتشف مواهب ومهارات جديدة تُرافق مسيرة الطالب التعليمية، فتزهو بها الأسرة والمجتمع بكل فخر واعتزاز.
ولا يكتمل البناء التربوي دون غرس القيم الدينية والوطنية، فهي البوصلة التي توجه أبناءنا في مسيرتهم العلمية والعملية. فالتمسك بهذه القيم يعزز الانتماء ويجعل الطالب قادرًا على اتخاذ القرارات الصحيحة، ويضمن له مسارًا متوازنًا بين العلم والتقوى، وبين التقدم والرؤية السليمة.
جميعنا يعلم القفزات المعرفية للأجيال الجديدة عليه فهم بحاجة إلى ما يتجاوز حدود الكتب والمناهج. لتنمية روح الإبداع، وتشجيع البحث، وصقل المواهب من خلال الأنشطة المتنوعة، وكلها أدوات تصنع شخصية واثقة وقادرة على مواجهة التحديات بعقلٍ متفتح وروح مبادرة. ومن هنا، نرى أبناءنا ليسوا مجرد طلبة على مقاعد الدراسة، بل بناة مستقبل يسهمون في نهضة المملكة وريادتها بين الأمم.
ومع بداية العام دراسي جديد، يتضح لنا أن العلم والعمل والقيم ترتبط جميعًا ببعضها بعضًا في صناعة مستقبل أبنائنا. فكل جهد تبذله الأسرة، وكل دعم تقدمه المدرسة، وكل قيمة تُغرس في نفوس الطلبة، يشكل حجرًا أساسًا في بناء شخصية واثقة، مبدعة، وقادرة على مواجهة تحديات العصر. إن أبناءنا هم بناة الغد، وحاملو شعلة النهضة والتقدم لوطننا الغالي، والحرص على تعليمهم وإعدادهم بروح من الإيجابية والتفاؤل والالتزام بالقيم يجعل من كل عام دراسي بداية جديدة نحو الإنجاز والريادة. فلنجعل من هذا العام رحلة علمية حافلة بالإصرار والنجاح، رحلة نزرع فيها حب المعرفة والإبداع والانتماء، ليكبر جيل يضيء دروب المملكة ويحقق أحلامها الكبيرة.