حمد الحمد
حضرت حفل الإعلان عن جائزة يوسف بن عيسى، للكتاب، وهي جائزة لدعم الثقافة والإبداع خصوصاً في مجال الرواية والتاريخ، وهي مبادرة من زميلتنا الأستاذة بثينة العيسى، وبدعم من بعض مؤسسات القطاع الخاص.
وهنا أستذكر دور الشيخ يوسف بن عيسى، كرجل دين ومتنور ورائد للتعليم في الكويت، وهو حقاً رجل كل المراحل، فعندما اطلع على نظام البلدية في زيارته للبحرين، اقترح بلدية الكويت وفعلاً تم المشروع. وعندما أيقن أن تعليم الكتاتيب السائد لا يفيد مجتمعه لا في الحاضر ولا المستقبل، ولا بد من تعليم مشابه لما هو سائد في دول أخرى، قدّم مقترحه، لهذا تم إنشاء المدرسة المباركية بدعم من التجار.
وعندما رفض بعض القوم أن تدرس العلوم الحديثة في المدرسة المباركية، منها الجغرافيا حيث لا اعتراف بأن الأرض كروية، وهذا «كفر صريح»، واللغة الإنكليزية كذلك رفضت، كونها «لغة الكفار»، اجتمع مع كبار أهل الكويت... ما الحل؟ هنا أتى الحل من الشيخ عبدالعزيز الرشيد، حيث اقترح بدلاً من التصادم مع القوم، إنشاء مدرسة جديدة تدرس فيها هذه العلوم الجغرافيا واللغة الإنكليزية، وفعلاً تأسست المدرسة الأحمدية بمباركة الشيخ أحمد الجابر، ولاقت إقبالاً منقطع النظير.
وعندما تكالبت أحداث عظام على الكويت باكتشاف اللؤلؤ الاصطناعي، توقفت المباركية عن العمل حيث عجز التجار عن المساهمة، فمصابهم جلل، وتزامن مع أزمة الكساد العالمي، هنا اجتمع يوسف بن عيسى مع القوم للبحث عن مخرج، وكان الحل الوحيد هو فرض ضرائب للتعليم حتى يستمر العمل بالمدرسة الأحمدية، ورحّب الشيخ أحمد الجابر، بالمقترح لكن رأى ان يُستشار التجار والمستهلكون، وفعلاً عُقد اجتماع وتم أخذ رأي القوم، وكانت الموافقة بالإجماع رغم الظروف الصعبة.
نعم الشيخ يوسف بن عيسى، رجل متنور جاء ليشعل شموعاً تنير الطريق للمستقبل ليومنا هذا.
شكراً لمن أسّس الجائزة ولمن دعمها وكذلك للتنظيم الراقي، وتمنيت لو يعاد بث تصوير الحفل على تلفزيون الكويت، لنعرف حياة رجل كل المراحل، رحمه الله.