: آخر تحديث

هل حياتك مرتبة؟

3
2
3

عبدالعزيز الكندري

وقت الإنسان محدود، والمشاغل كثيرة وعمره في حساب السنوات قصير، والحياة مليئة بالمهمات والأعمال والمشروعات، وإن استعدادات الناس وظروفهم، مختلفة في الاستفادة من الفرص المتاحة، وهذا كله يتطلب من كل واحد منا، أن يوجه جهده ويركز على ما هو أهم وأفضل ويبتعد عن المشتتات، وهي كثيرة الآن خصوصاً مع تنوّع وسائل التواصل الاجتماعي.

‏ومَنْ أراد حياة فاعلة مليئة بالإنجازات عليه ترتيب الأولويات، وهي الأداة الأكثر فاعلية والأفضل لحمايتنا من التشتت الحاصل في كل مناحي الحياة، وتحديد الأولويات هو مفتاح النجاح في العمل والحياة وإدارة النفس. وكما يقول ستيفن كوفي «السر ليس في تحديد أولويات جدولك، بل في جدولة أولوياتك».

وقد ألّف كوفي كتاب «إدارة الأولويات - الأهم أولاً»، والفكرة الأساسية منه التركيز على ما هو مهم بدلاً من الانشغال بما هو عاجل. والفرق بين المهم والعاجل هو أن الناس غالباً يقضون وقتهم في الاستجابة للعاجل (مكالمات، رسائل، ومهام فورية) على حساب الأمور المهمة (الصحة، العلاقات، والتخطيط).

ويعتمد منهجه على تقسيم المهام إلى أربع فئات بناءً على الأهمية والإلحاح، وهي: المهمة والعاجلة (أولويتك القصوى)، المهمة وغير العاجلة (حيث يحدث التخطيط الفعال)، العاجلة وغير المهمة (مهام يجب تفويضها)، وغير العاجلة وغير المهمة (مهام يجب تجنبها)، بدلاً من التركيز على السرعة والكفاءة فقط.

يؤكد كوفي أن المهم هو «لماذا» تقوم بالأشياء؟ حيث يقدم هذا المنهج بوصلة للحياة الأفضل بدلاً من ساعة لإدارة الوقت.

ومن المميزين في ترتيب حياتهم وأوقاتهم، د. غازي القصيبي، حيث كان يجد الوقت للتأليف من خلال الاستيقاظ مبكراً لساعتين قبل العمل ورفضه للعديد من الدعوات الاجتماعية التي تستغرق وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى تنظيمه الدقيق للوقت وتجنبه للأنشطة غير الضرورية.

كان يرى أن هذا الانضباط هو مفتاح الإنجاز، ويضيف أنه خلال سنوات لم يقبل إلا دعوات معدودة للعشاء عندما كان في الرياض، حيث كان حريصاً على استغلال وقته في تأليف الكتب.

وكان القصيبي يتجنب الأعمال غير الضرورية لكي يتمكن من التركيز على أعماله المهمة، ويرى أن الفراغ، على عكس الانشغال، هو الأصعب، مما دفعه إلى استخدام أي وقت فراغ لديه في الكتابة.

والأوقات تمر ولا تتوقف وهذه سُنة الحياة، والحياة تسير سواء خططنا لها أم لا، ولكن قلة هم الذين يخططون لحياتهم، أو نادراً ما تسمع في مجتمعاتنا عن الذين يخططون لمستقبل أيامهم، والذين يخططون يحققون ما يريدون في هذه الحياة، لأن القاعدة تقول، ما تفكر فيه تحصل عليه، وحياتك من صنع أفكارك. ويقول أبوالإدارة بيتر دراكر «ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته».

ولترتيب حياتك بشكل فعّال، اتبع هذه الخطوات العملية، قيّم وضعك الحالي، واسأل نفسك: ما الجوانب غير المرتبة في حياتي؟ (وقت؟ مال؟ علاقات؟ أهداف؟). اكتب قائمة بالأولويات والمشاكل، ثم حدد أهدافك، ولتكن أهدافاً قصيرة المدى (3 - 6 أشهر)، وأهداف طويلة المدى (1 - 5 سنوات)، مع تنظيم وقتك من خلال الاستعانة بأهل الاختصاص وقراءة الكتب. وابدأ بخطوة بسيطة اليوم، ثم استمر عليها، لأن التنظيم عملية تراكمية، وليست لحظة واحدة كما هو مذكور في كتاب «العادات الذرية»، وهو من الكتب المميزة وتستحق القراءة.

ويقول زيغ زيغلر في كتابه «أراك على القمة»: «أنا أومن بأنك تستطيع الحصول على كل شيء تريده في الحياة، إذا قمت فقط بمساعدة عدد كافٍ من الآخرين في الحصول على ما يريدونه».

وجاء عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه: «اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد