إيلاف من سان فرانسيسكو: تخيّل أن يرسم طفل بيتًا صغيرًا تحت شمس حمراء، وفجأة ينبعث من مكبر صوت مجاور لحن مرح مليء بالحيوية. الرسم البسيط يتحول إلى موسيقى، والورق الملوّن يصبح مدخلًا لعالم جديد من الإبداع. هذه تجارب حقيقية بدأت تتوسع في مدارس ومختبرات حول العالم، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتحويل رسومات الأطفال إلى ألحان حية.
القصة تعود إلى أواخر عام 2024، حين تعاون باحثون من Google Creative Lab مع MIT Media Lab لتجربة أولية تهدف إلى قراءة الأشكال والألوان في اللحظة نفسها وتحويلها إلى أصوات. النموذج الأولي المسمى “Draw to Sound” عُرض لأول مرة في مؤتمر تعليمي في ديسمبر 2024، وكانت فكرته بسيطة: كل خط ودائرة ولون يتحول إلى نغمة أو إيقاع.
وبحلول منتصف 2025، بدأت مدارس في نيويورك وطوكيو تطبيق المشروع تجريبيًا. في أحد الفصول بمدينة بروكلين، طلبت المعلمة من تلاميذها رسم البحر، وما هي إلا دقائق حتى امتلأ الصف بأصوات تشبه تلاطم الأمواج بعد أن حوّل الذكاء الاصطناعي الخطوط الزرقاء إلى موسيقى هادئة. وحين أضاف أحد التلاميذ شمسًا حمراء، ارتفعت النغمات فجأة لتصبح أكثر إشراقًا، فانفجر الأطفال بالضحك. كأن الحصة الدراسية تحولت إلى قاعة موسيقى صغيرة.
تقارير صحفية في The Verge وTechCrunch أكدت أن هذه التجارب لا تجلب المتعة فقط، بل تساعد الأطفال على تعلّم الأنماط. فالطفل الذي يواجه صعوبة في الرياضيات أو القراءة يمكنه أن يربط بين الخطوط والألحان ليفهم القواعد بشكل أيسر. وحتى الأطفال المصابون باضطرابات طيف التوحد أظهروا تجاوبًا إيجابيًا، لأن ربط الصوت بالصورة يمنحهم تجربة تعليمية أكثر لطفًا.
الأمر لا يتوقف عند الفصول الدراسية. شركات مثل Sony CSL في اليابان دخلت السباق لتطوير تطبيقات منزلية تسمح للأهل بتحويل رسومات أبنائهم إلى ألحان قصيرة. أحد النماذج التجريبية الذي أُطلق في أغسطس 2025 يتيح رفع صورة لأي رسمة، ليحوّلها البرنامج خلال ثوانٍ إلى لحن قصير، إما مرح وإما هادئ يصلح كأغنية نوم.
السؤال هنا: هل يمكن أن يكون هذا مستقبل التعليم؟ حيث يلتقي الفن والموسيقى والذكاء الاصطناعي لصنع بيئة تعليمية أكثر متعة وابتكارًا. الأهل الذين كانوا يخشون من شاشات الهواتف والألعاب الرقمية يرون اليوم فرصة جديدة: تكنولوجيا تغذي الخيال بدل أن تقتله.
ومع ضحك الأطفال وإشعارات الهواتف، تذكّرنا هذه التجارب أن التقنية ليست بديلًا عن اللعب، بل يمكن أن تكون وسيلة تضاعفه. من أقلام التلوين إلى الألحان، كل رسمة اليوم قد تتحول إلى أغنية.