صباح خالد الحمد الصباح - مارغوت والستروم
*نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي *وزيرة الخارجية السويدية
بعد سبع سنوات من الحرب، لا تزال أعمال العنف والمعاناة التي يتعرض لها السكان المدنيون في سوريا مستمرة بلا هوادة. وفي الواقع، نشهد الآن بعضاً من أسوأ القتال منذ بدء النزاع. وفي الأسابيع القليلة الماضية، فقد مئات من الأشخاص أرواحهم، وطرد عشرات الآلاف من الأشخاص من ديارهم. هناك تقارير مستمرة عن وقوع هجمات تستهدف المستشفيات والمدارس، بتجاهل تام لحياة البشر وواجب حماية المدنيين.
وبالنسبة للشعب السوري، فإن الوقت ينفد بسرعة، وحتى قبل التصعيد الأخير، كان الوضع الإنساني في سوريا أحدَ أسوأ الأوضاع الإنسانية في العالم، إذ دفع النزاع 11 مليون شخص، ما يعادل نصف سكان سوريا، إلى مغادرة منازلهم، وغالباً ما كان ذلك مراراً، ووجد كثير منهم ملجأً في المنطقة أو خارجها. وداخل سوريا، هناك 13 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وممن يواجهون أسوأ الأوضاع هم المليونان ونصف المليون شخص في بلدات ومدن مقطوعة عن بقية البلاد، بسبب الحصار العسكري. ونتيجة لهذه التكتيكات القاسية، أصبح وصول المساعدات الإنسانية لهذه المجتمعات معدوماً تقريباً، ولا يمكن لهؤلاء البقاء على قيد الحياة لفترة أطول. لا يوجد هناك أدنى شك في أنَّ التصعيد الحالي للعنف سيدفعهم إلى شفير الهاوية، ويشكل الأطفال والشباب أكثرَ من نصف المشردين وأيضاً نصف أولئك المحتاجين لمساعدات إنسانية.
وفي ظل هذه الخلفية واستجابة لدعوات من الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، اقترحت السويد والكويت قراراً في مجلس الأمن، وهذا القرار يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في سوريا لتمكين قوافل المعونة العادية من الغذاء والأدوية من الوصول لجميع المحتاجين، وإلى مزيد من الحماية للمدنيين وإلى القيام بعمليات الإجلاء الطبي الآمن للمصابين بأمراض خطيرة والجرحى. رسالتنا واضحة: لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقف مكتوف الأيدي ويراقب استمرار تفاقم هذه المأساة الإنسانية المدمرة.
يجب علينا الآن إظهار الوحدة وأن نضع حياة المدنيين أولاً، لقد كانت الخسائر البشرية في هذا النزاع حتى الآن مدمرة، وعدم رغبة مجلس الأمن في اتخاذ أي عمل يضع مصداقيته على المحك. ورغم ذلك، فإن اعتماد القرار 2393 في ديسمبر (كانون الأول) 2017 أظهر لنا أنه من الممكن اتخاذ إجراءات مجدية من قبل المجلس لتخفيف المعاناة في سوريا. وكفل القرار 2393 استمرار شريان الحياة الإنساني الحيوي لثلاثة ملايين سوري في أجزاء من شمال البلاد وجنوبها. وكان ذلك القرار الوحيد الذي اعتمد في المجلس العام الماضي بشأن سوريا، ويجب بذل المزيد من الجهود لتلبية احتياجات المدنيين في جميع أنحاء البلد.
ورغم أهمية الجهود الدؤوبة للمجتمع الإنساني، فإن السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا، هو من خلال حل سياسي مستدام للنزاع. ونحن نعلم أنه من المرجح أن يتحقق سلام مستدام عندما تكون المرأة ممثلة تمثيلاً كافياً وتشارك في صنع القرار. إننا نظل على قناعة بأن المسار الوحيد القابل للتطبيق لسلام عادل في سوريا هو من خلال العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة. إن الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا، يحظيان بدعمنا الكامل في جهودهما.
وفي غياب حل سياسي، سيظل المدنيون يتحملون وطأة عواقب النزاع وهم بحاجة الآن لقيامنا بعمل لإنقاذ الأرواح، وإننا نعول على جميع أعضاء مجلس الأمن أن يضعوا خلافاتهم جانباً، وينخرطوا بصورة بنّاءة، ويعتمدوا قراراً إنسانياً بحتاً يمكن أن يحدث فرقاً حقيقياً بالنسبة للأشخاص الذين عانوا منذ سبع سنوات من النزاع. بالتأكيد، فإن هذا هو أقل ما يمكننا القيام به.
*نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي
*وزيرة الخارجية السويدية