: آخر تحديث

غزة... المخاطر الإقليمية بعد الاتفاق

3
3
3

تمثل غزة اختباراً حاسماً لقدرة الإدارة الأميركية على استعادة دورها في تحقيق الاستقرار الإقليمي. وبينما تعود واشنطن لإدراك مركزية الشرق الأوسط في مصالحها، تواجه عزلة غير مسبوقة، تتجلى في التوافق الدولي على ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين.

منح الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرصاً متكررة لتحقيق نصر حاسم في غزة، حتى جاءت «ضربة الدوحة»، التي مثّلت نقطة تحول، نجم عنها اجتماع حاسم جمع ترمب بقادة عرب ومسلمين، حيث وُضعت أمامه خيارات صعبة: إما الدفع نحو وقف النار وتعافي غزة، وإما مواجهة عزلة ستضر بمصالح أميركا العالمية لعقود.

وفي مقابل رفض نتنياهو أي دور عربي أو للسلطة الفلسطينية في غزة وطرحه سيناريو الحكم العسكري للقطاع، أطلق ترمب مبادرته، متجاوزاً الشرعية الدولية، وفرض تصوراته الخاصة للسلام وخططه الزمنية التفصيلية. وسعى لجمع دعم دولي واسع لمبادرته، مما أظهر مركزية غزة في استقرار المنطقة.

إقليمياً، تحفُّ المبادرة مخاطر جمّة، في ظل هشاشة دول، وضعف شرعيات، وانتشار الفوضى، مما يفتح المجال أمام وكلاء السلاح وعودة الانفجار الإقليمي.

على طرفَي النزاع، ثمة قوى تسعى لتأبيد الصراع، وترى في أي تسوية تهديداً لشرعيتها. «حماس» فشلت في تثبيت مشروعها، ونتنياهو فشل في تغيير السياق لصالحه، رغم دعم أميركي غير مسبوق.

كلاهما خاسر بمقادير مختلفة، والشعب الفلسطيني هو الضحية الكبرى.

المنطقة تقف الآن أمام سيناريوهين:

أولهما، نجاح ترمب في إدارة توازن دقيق ومنع تفجّر الوضع.

والآخر، فشل الاتفاق وعودة التصعيد، وغزو غزة وتهجير سكانها، وانهيار مؤسساتها، مما يهدد بانفجارات إقليمية وتراجع دعم الدول للمبادرة.

القوى المتطرفة، الإسرائيلية والإقليمية، تتحين الفرصة لإفشال أي مسعى للاستقرار، مستهدفةً الدول التي دعمت حل الدولتين. وستبذل هذه القوى المتطرفة كل جهدها للعودة لزعزعة الوضع الإقليمي، بل زعزعة كل دولة من دول الإقليم على حدة على امتداد المشرق العربي وبشكل خاص في دول المحيط الاستراتيجي المباشر وغير المباشر لإسرائيل.

ومن هنا، يكمن الردع الأفضل لمخططات القوى المتطرفة في تعزيز الوحدة الوطنية داخل كل بلد عربي، وتكثيف التحالف ودعم الاستقرار الإقليمي.

لسنا أمام «حل للنزاع»، بل أمام هندسة لتوازن حرج يتم في ظروف صعبة لإعادة الاستقرار والسلام في الإقليم. ولن يتم ذلك إلا عبر تصحيح توازنات الردع وأدوات التحالف بين دول الإقليم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد