: آخر تحديث

عهدنا بالسودان التسامح ولكن؟!

1
1
1

خالد بن حمد المالك

لا يجوز ولا يصح، ومن العيب، والظلم أن يستمر القتال في السودان، فتُدمَّر البلاد، ويُقتل الناس، ويغيب الأمن، ويظل العناد بين طرفي النزاع سيد الموقف، وهناك من الخارج من ينفخ النار المشتعلة حتى لا تنطفئ قبل أن تتحول إلى رماد، وإلى خسائر لا حيلة أمام السودان والسودانيين لمعالجتها، أو إيجاد حلول لها.

* *

إنها مأساة حقاً أن تكون هناك حكومتان، ومناطق نفوذ لكل من الحكومتين، وأن يكون الحوار والتفاهم والبحث عن حلول للأزمة غائباً، بينما يحضر السلاح بأنواعه، ويتم استخدامه علي وعلى إخواني، لا علي وعلى أعدائي، وكلاهما مرفوض، وكلاهما ما كان يجب أن يكونا مطروحين.

* *

لا توجد مؤشرات، أو إشارات، أو نوايا طيبة لإيقاف القتال العبثي بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، ولا توجد أساساً تلك الأسباب المبررة لافتعال هذه الحرب، والإصرار على استمرارها، واتهام كل طرف للطرف الآخر على أنه يقتل الناس، ويدمّر البلاد، ويقود بهذه الحرب إلى ما يعزّز تقسيم البلاد إلى أكثر من دولة.

* *

كانت المملكة سعت لإيقاف هذه المؤامرة على وحدة السودان، وجمعت الطرفين في جدة، ووضعت أمامهم الفرصة لخارطة طريق تُنهي الحرب منذ أيامها الأولى، وخرج الجميع باتفاق على وضع حد للحرب، وعلى معالجة نقاط الخلاف بالحوار، والتفاهم، والقبول بوساطة المملكة.

* *

لكن ما إن انفض الاجتماع، وغادر كلٌّ إلى سبيله، حتى كان التراجع عمّا تم الاتفاق عليه، واللجوء إلى العنف، ولدى كل طرف حساباته بأنه سوف ينتصر في هذه المعركة، بما لا حاجة إلى مثل هذا الاتفاق، وخفي عليهم أن الحروب تبدأ بشرارة، ثم ما تلبث أن تكون ممتدة إلى كل شيء في السودان.

* *

حتى الوساطات اختفت، بعد زيادة الاحتقان، والخسائر، وعدم القبول بما يُنهي هذا الصراع الدامي، ويئس الخيِّرون من عدم تجاوب الطرفين مع أي مبادرة تنشد إحلال السلام، ووقف نزيف الدم، والحد من تصاعد الخسائر في كلا الجانبين، بما يرشح السودان في المستقبل إن استمر القتال إلى ما هو أسوأ.

* *

ومع كل هذا، فإن الفرصة لا تزال متاحة، للانتقال من هذا الجو المظلم، إلى ما ينير العقول والقلوب، فتتراجع الحرب، وتهدأ النفوس، ويعود الجميع إلى الوعي والحكمة والتعامل العاقل، فيعود السودانيون الطيبون إلى ما كانوا عليه من وئام وتآلف ومحبة.

* *

عهدنا بالسودان التسامح، والأخوة، والتباري في تقديم التنازلات، للمحافظة على وحدة بلادهم، وأمنها، واستقرارها، فلعلها تعود إلى سابق عهدها ومجدها، والتزامها بحكومة واحدة، وجيش واحد، وشعب واحد، فتلكن هكذا كما كانت، وكما عهدناها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد