إيلاف من الرباط : أعلن الرئيس جنوب إفريقيا السابق، جاكوب زوما، حق المغرب في الدفاع على وحدته الترابية، واعتبر أن مقترح الحكم الذاتي يشكل حلا سياسيا واقعيا للنزاع حول الصحراء المغربية.
جاء هذا التحوّل في موقف ثالث أكبر حزب سياسي بجنوب إفريقيا، إثر استقبال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مساء الثلاثاء بالرباط، وفدًا من حزب أومكونتو وي سيزوي/ رمح الأمة (MK) يقوده رئيس الحزب زوما ورئيس لجنة العلاقات الدولية للحزب، والذي أدلى بتصريح صحفي بتفويض مباشر من زعيم الحزب، أعلن فيه عن دعم الحزب الرسمي لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب.
وقبل تلاوة التصريح الصحفي، عبر جاكوب زوما عن رغبته في تطوير العلاقات السياسية مع المملكة المغربية، مشددا على ضرورة احترام حق الدول في وحدة أراضيها، بهدف استثباب الأمن والسلام والتنمية بالقارة السمراء. كما أشار، الرئيس السابق لجنوب إفريقيا، إلى لقاء سابق كان قد جمعه مع الملك محمد السادس، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي – الاتحاد الأوروبي في أبيدجان عام 2017، في لحظة وُصفت حينها بأنها فتحت الباب أمام دينامية جديدة في العلاقات الثنائية بين الرباط وبريتوريا، تتجاوز القطيعة الدبلوماسية التي ميزت العلاقات لعقود.
من جهته، أكد المسؤول الحزبي، في التصريح الصحفي الذي أعقب اللقاء مع بوريطة، أن حزب رحم الأمة يرى في مبادرة الحكم الذاتي المغربية "إطارًا واقعيًا ومتوازنًا يسمح بحكامة محلية من طرف سكان الأقاليم الجنوبية، مع ضمان سيادة المملكة المغربية الكاملة على صحرائها"، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يعكس التزام الحزب التاريخي بمبدأ وحدة وسيادة الدول الإفريقية.
وأوضح المتحدث ذاته أن الحزب يعترف بـ"السياق التاريخي والقانوني" الذي تستند إليه المملكة في مطالبها الترابية، معتبراً أن مقترح الحكم الذاتي "يقدّم مخرجاً عملياً وسلمياً لنزاع طال أمده، ويشكّل ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة الساحل والصحراء".
ويستند هذا الموقف إلى وثيقة سياسية مرجعية أصدرها الحزب حديثًا بعنوان "شراكة استراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية والتمكين الاقتصادي والوحدة الترابية: المغرب"، أكدت أن الصحراء كانت جزءًا من التراب المغربي قبل الاستعمار الإسباني، وأن مطالبة المغرب بها تستند إلى روابط البيعة التاريخية بين القبائل الصحراوية والعرش العلوي.
كما أبرزت الوثيقة أن المسيرة الخضراء التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1975 "مثّلت نموذجًا سلميًا فريدًا لاسترجاع الأرض وإنهاء الاستعمار"، وهي بحسب الوثيقة، "دليل على تجذر العلاقة بين المغرب وصحرائه".
وحثّ حزب أومكونتو وي سيزوي، في تصريحه، المجتمع الدولي على دعم المبادرة المغربية، باعتبارها "الحل الأنسب والأكثر واقعية لإنهاء النزاع وضمان كرامة وازدهار سكان المنطقة"، مشيرا إلى أن الدعم الإقليمي والدولي المتزايد لهذا المقترح "يعكس الوعي المتنامي بعدالة الموقف المغربي".
ويحمل هذا الموقف دلالات خاصة، بالنظر إلى الخلفية السياسية لجاكوب زوما، الذي قاد جنوب إفريقيا بين 2009 و2018، وكان خلال فترة حكمه من أبرز المدافعين عن أطروحة "جبهة البوليساريو". غير أن تأسيسه لحزب MK بعد انشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، مهّد الطريق لخطاب أكثر براغماتية وتحررًا من الاصطفافات الإيديولوجية التقليدية التي لطالما طبعت سياسة بريتوريا الخارجية.
ويرى مراقبون أن زيارة وفد حزب رمح الأمة إلى الرباط، والتصريح الصادر بتفويض من زوما، يمثّلان بداية لتقارب محتمل مع المغرب خارج القنوات الرسمية التقليدية، ويشكلان جزءًا من تحوّل أوسع في مواقف عدد من القوى السياسية الإفريقية التي باتت تنظر إلى مبادرة الحكم الذاتي كأرضية جادة للتسوية.