: آخر تحديث

النظام الإيراني في مأزق: فرصة للشعب والمقاومة

2
4
2

بعد انتهاء حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، ظهرت علامات واضحة على تصدع في الانسجام الداخلي للنظام على أعلى مستويات السلطة. يهدف هذا التحليل إلى توضيح الحل الثالث للتغيير الديمقراطي، من خلال دراسة الفجوات الاستراتيجية بين مؤسسات الحكم، وعجز خامنئي عن إدارة الأزمة، والفرص المتاحة أمام الشعب والمقاومة الإيرانية.

في الماضي، وحتى في خضم الأزمات، كان خامنئي، بصفته نقطة ارتكاز السلطة، ينجح في احتواء التوترات وتوحيد الأجواء الحاكمة من خلال اتخاذ مواقف علنية أو حتى خلف الكواليس. لكن الآن، وبعد مرور عدة أسابيع على انتهاء الحرب وصمته المثير للجدل إزاء مقتل كبار القادة العسكريين، بمن فيهم حسين سلامي، وغلام علي رشيد، ومحمد باقري، يمكن القول بوضوح إن ولاية الفقيه المطلقة قد دخلت مرحلة ما بعد السلطة.

التناقض الاستراتيجي بين الحكومة والحرس الثوري
لم يعد الانقسام بين الحكومة والحرس الثوري يقتصر على الصراعات التقليدية بين الأجنحة، بل وصل إلى مرحلة التباعد الاستراتيجي. هناك خط داخل الحرس الثوري يطالب باستمرار التهديدات والهجمات بالوكالة لإعادة بناء الردع. في المقابل، تعتبر الحكومة والجماعات المقربة منها وقف إطلاق النار "إنقاذًا وطنياً" وتسعى إلى المفاوضات وخفض التوتر لإصلاح الاقتصاد المنهار. هذان المساران المتضادان تماماً وضعا النظام في مأزق اتخاذ القرار.

علامات هذا التصدع واضحة أيضاً في وسائل إعلام النظام. فقد اتهمت بعض وسائل الإعلام الأصولية، دون أدلة موثوقة، الحكومة بالخيانة، بينما حملت وسائل الإعلام المقربة من الحكومة، الحرس الثوري مسؤولية الأزمات الأخيرة. هذا المستوى من الجدال الإعلامي لم يعد جزءاً من "الألعاب المتحكم بها" للنظام، بل هو علامة على انهيار الانسجام الداخلي.

خامنئي: من المُسيطِر إلى المتفرج
في السابق، كان خامنئي يحتوي التوترات الداخلية ويوحّد الحكم من خلال مواقف علنية أو خلف الكواليس. لكن الآن، بعد مقتل كبار القادة العسكريين مثل حسين سلامي، وغلام علي رشيد، ومحمد باقري، يشير صمته المثير للجدل إلى عجز استراتيجي. فالتأخير في إقامة مراسم لهؤلاء القادة وعدم وجود خطة واضحة لإدارة الأزمة، يدلان على انهيار سلطة ولاية الفقيه. خامنئي، بلا قدرة على اتخاذ القرار، بات في موقف دفاعي ولا يستطيع تحقيق الوحدة بين الأجنحة.

في الواقع، بات قائد النظام اليوم في موقف دفاعي بالكامل؛ ففي الوقت الذي تتزايد فيه التناقضات داخل النظام، يحاول تكتيكياً إبقاء الجناحين في الميدان، لكنه لا يدعم الحرس الثوري رسمياً، ولا يساند الحكومة بشكل رسمي وقوي. هذا المأزق أو الارتباك يحمل رسالة واضحة: سلطة خامنئي، بصفته ولي الفقيه والقائد العام للقوات المسلحة، قد انتهت، ولا يوجد بديل لها في الهيكل الحالي.

الحرس الثوري بلا قيادة فعالة والحكومة بلا سلطة
لقد أدت خسارة كبار القادة إلى ضربة استراتيجية للحرس الثوري. فالخلفاء الجدد يفتقرون إلى الخبرة والمصداقية اللازمة، وتجد الطبقة الوسطى من الحرس الثوري نفسها عالقة بين الخوف من الاغتيالات المستهدفة والمصالح الاقتصادية. لم تعد هذه المؤسسة القوة الهجومية السابقة، بل تحولت إلى كيان محايد ومدافع عن الوضع الراهن.

كما أن الحكومة، دون قيادة قوية، تفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار. وتواجه جهود الحكومة لتخفيف التوتر مقاومة من قبل الحرس الثوري، وقد أدى هذا التناقض إلى القضاء على الدور القديم للحرس الثوري كعامل تماسك للسلطة. والنتيجة هي هيكل مفكك غير قادر على إدارة البلاد.

نهاية النظام تبدأ من الداخل
حتى لو بدأت مفاوضات بين النظام الإيراني والغرب، فإن الانقسامات الداخلية ستتفاقم. فالحرس الثوري يعتبر أي اتفاق تهديداً لمشروعيته، والحكومة لا تملك سبيلاً للبقاء دون انفراج اقتصادي. كما أن خامنئي يفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار النهائي. في مثل هذه الحالة، يكون دور القوة الثورية المنظمة حيوياً. فالبديل الشرعي والجاهز وحده هو من يستطيع استغلال فضاء التصدع هذا، وتنظيم المجتمع، وتمهيد الطريق للانتفاضة. والحل الثالث ليس مجرد رد على المآزق السياسية، بل هو خطة لمستقبل حر وديمقراطي لإيران.

فرصة تاريخية للمقاومة الإيرانية
في الوقت الذي يجد فيه النظام نفسه في مأزق، سنحت فرصة غير مسبوقة للقوة الثالثة – المقاومة المنظمة للشعب الإيراني. لقد أظهرت المقاومة الإيرانية، بقبولها الشعبي وسنوات خبرتها في تنظيم الاحتجاجات وكشف الحقائق مثل برنامج النظام النووي في عام 2002، أنها يمكن أن تكون القوة الدافعة للتغيير.

الحل الثالث: تغيير ديمقراطي على يد الشعب
في 16 حزيران (يونيو)، بعد ثلاثة أيام من بدء القصف الإسرائيلي، أكدت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في البرلمان الأوروبي: "الحل ليس في سياسة المهادنة ولا في الحرب، بل في التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني." لقد أدت سنوات من مهادنة الغرب للنظام إلى تهميش المقاومة، لكن اليوم، ومع التصدع الداخلي للنظام، أصبح الحل الثالث أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.

قبل حوالي ثلاثين عاماً، حذرت المقاومة الإيرانية: "إن سياسة المساومة والمهادنة تشجع نظام الملالي على مواصلة القمع وستؤدي حتماً إلى الحرب." وفي الواقع، ثبتت صحة هذا التقدير السياسي، وكما قال تشرشل، استناداً إلى التجربة التاريخية السابقة: "لقد كان لديكم الخيار بين الحرب والعار. اخترتم العار، وستحصلون على الحرب أيضاً."

الحل الثالث ليس مجرد رد على مأزق النظام الحالي، بل يقدم خارطة طريق لمستقبل حر وديمقراطي. لقد حددت المقاومة الإيرانية المنظمة، من خلال برنامجها الواضح المكون من عشر نقاط والمدعوم من قبل المجلس الوطني للمقاومة، خارطة طريق للمستقبل. يعتمد هذا البرنامج على القيم العالمية الشائعة: الحرية، المساواة، العدالة.

برنامج يجلب لإيران الحرة غداً ما يلي:

ـ حرية التعبير، التجمع، الصحافة، والأحزاب.

ـ فصل الدين عن الدولة، مع حرية العقيدة للجميع.

ـ المساواة المطلقة بين النساء والرجال.

ـ الحكم الذاتي للأقليات العرقية وإنهاء الاضطهاد المزدوج بحقهم.

ـ حماية البيئة.

ـ ودولة غير نووية، خالية من أي أسلحة دمار شامل.

تُقاد المقاومة المنظمة في داخل البلاد بواسطة آلاف من وحدات المقاومة. في عام واحد فقط، نفذوا أكثر من 3000 عملية ضد القمع الممنهج لمؤسسات القمع. هذه المقاومة الداخلية، هي الشبكة العميقة الجذور في المجتمع الإيراني التي ستوجه الضربة الحاسمة للنظام الولائي الذي وصل إلى طريق مسدود.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.