: آخر تحديث

أرامكو.. وصناعة الإبهار الناعمة في فيلم «فورمولا - ون»

7
4
4

لم أكن أتوقع أن يثير فيلم «فورمولا - ون» (F1) هذا القدر من الإعجاب والانبهار لديّ، فقد دخلت صالة العرض مترددًا بعض الشيء، لأن سباقات «الفورمولا» لم تكن يومًا ضمن اهتماماتي، ولا يستهويني صخب المحركات أو القيادة السريعة؛ لكنّي خرجت من مشاهدتي للفيلم بانطباعٍ مختلفٍ تمامًا، وإحساسٍ مليء بالفخر والرضا يتجاوز حدود السينما إلى ما هو أبعد منها. ما شدّني أولًا هو الإبداع الهوليوودي الذي عزّز -لعقود- مكانة الولايات المتحدة كقوة ناعمة، لا تنافس فقط بجودة الإنتاج، بل أيضًا بذكاء الرسائل الضمنية والمهارة الفائقة في بناء التأثير الثقافي: الإخراج كان متقنًا، التصوير إبداعي ومن زاويا مذهلة ومشوقة، المونتاج نابض بالإثارة لدرجةٍ تشعر معها بأنك في قمرة القيادة، وتسلسل الأحداث مدهش ويخلو تماماً من «الحشو و»التمطيط» الممل والمعتاد في كثير من الأعمال العربية. أما كاتب السيناريو، فتمكَّن باقتدار من تبسيط تفاصيل الفورمولا المعقدة، وعرضها ببراعة دون تسطيح أو رتابة لجمهور غير متخصص، وأنا أحدهم بالتأكيد.

ورغم تركيزي على قصة الفيلم وأحداثه، لم تغب عني الرسائل العديدة غير المباشرة التي بثها بسلاسة، ومنها: قيمة التميُّز، الكفاح والصبر وعدم اليأس، تمكين المرأة وقدرتها على النجاح في أصعب المهام، أهمية روح الفريق، دور القائد وتقديمه مصلحة الفريق على مصلحته الشخصية، الموازنة بين الخبرة والشباب.

وبدأ الشعور بالفخر يتملَّكني مع تكرار ظهور شعار أرامكو السعودية، والذي ظننته في البداية مجرد حضور تسويقي وإعلاني، لكن فضولي دفعني لاحقًا للبحث، واتضح لي أن علاقة أرامكو بعالم الفورمولا تتجاوز الشعار والمعلن، فأرامكو ليست مجرد راعٍ للحدث، بل مساهم فاعل في تطوير هذه الصناعة من خلال جهودها في تطوير وقود مستدام منخفض الكربون، سيُستخدم رسميًا في سباقات الفورمولا، بدءًا من 2026، وقيادتها لجهودٍ متقدمة لتطوير محركات عالية الكفاءة، تعمل بطاقة أنظف، وذلك عبر 12 مركزًا بحثيًا حول العالم.

وتشمل شراكات أرامكو بطولات (فورمولا - 2 و3)، وفريق «آستون مارتن كوجنيزانت»، إلى جانب استثمارات إستراتيجية في شركات مثل «أرلانكسيو» لتحسين كفاءة الإطارات، و»فالفولين» في قطاع زيوت التشحيم، و»هورس باورترين» الرائدة في تقنيات النقل الهجين، فضلًا عن التعاون مع «هيونداي» لتطوير وقود مخصص للسيارات الهجينة.

ولأن الابتكار لا يكتمل دون دعم الأجيال القادمة، أسست أرامكو شراكة طويلة الأمد مع برنامج (فورمولا – 1) للمدارس، لتكون الراعي الرسمي لنهائياته العالمية، التي تُقام سنويًا تزامنًا مع سباقات الجائزة الكبرى.

كل هذه الجهود تجسدت بصريًا في الفيلم، وأنا أشاهد النجم الشهير «براد بيت» يقود سيارة تعمل بمحرك عالي الكفاءة، ساهمت أرامكو في تطويره، وتنطلق بوقود صديق للبيئة من إنتاجها.. لم تكن هذه مجرد لقطة، بل لحظة رمزية تُلخِّص قصة إبداع وطموحٍ سعودي يشقُ طريقه بثقة في قلب أكثر الصناعات العالمية إثارةً وتأثيرًا، كخطوة نحو الوصول سريعًا لقلب وإدراك العالم بأسره.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد