كييف: يدخل الغزو الروسي عامه الثالث وأوكرانيا في وضع ضعيف بسبب تلاشي المساعدات الغربية بينما تكتسب الآلة العسكرية الروسية قوة مع تحقيقها مكاسب جديدة.
وعندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "عملية عسكرية خاصة" فجر 24 شباط (فبراير) 2022، توقع كثيرون نصرا لموسكو في غضون أيام لكن أوكرانيا تصدت للهجوم وأرغمت القوات الروسية أكثر من مرة على تراجع مذلّ.
غير أن اوكرانيا منيت بانتكاسات مع فشل هجومها المضاد في 2023. وفي المقابل تمكن الجيش الروسي من بناء موقع قوة بفضل ازدهار الإنتاج الحربي، في حين تعاني القوات الأوكرانية من نقص في القوة البشرية ونقصا في الذخيرة التي يزودها بها الغرب للمدفعية والدفاعات الجوية.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي الجمعة إن القرارات المتعلقة بإمدادات الأسلحة ينبغي أن تكون "الأولوية".
ولمناسبة الذكرى سيتوافد زعماء غربيون من بينهم رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين التي أشادت ب"المقاومة الاستثنائية" لأوكرانيا لدى وصولها إلى كييف السبت.
كما وصلت وزيرة الخارجية الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الكندي جاستن ترودو.
وستترأس ميلوني اجتماعا افتراضيا لمجموعة السبع حول أوكرانيا بحضور الرئيس فولوديمير زيلينكسي. ومن المتوقع أن يناقش الاجتماع فرض عقوبات جديدة على موسكو.
لكن المشهد العام يظل قاتما بالنسبة لكييف بسبب عرقلة الكونغرس حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار. ويضاف هذا إلى التأخير في وصول إمدادات أوروبية موعودة.
وجدد الرئيس الأميركي جو بايدن دعواته للمشرعين الجمهوريين للإفراج عن التمويل الإضافي، محذرا من أن "التاريخ يرصد" و"الإخفاق في دعم أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة لن يُنسى".
وقال القائد الأعلى للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي السبت أن أوكرانيا ستنتصر على "الظلام" الروسي. وكتب على تلغرام "أنا مقتنع أن انتصارنا يكمن في الوحدة. وهذا سيحدث بالتأكيد. لأن النور دائما ينتصر على الظلام!".
"الحرب حياتنا"
والسبت تفقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قواته في مناطق تحتلها في أوكرانيا، وقال للجنود في أحد مراكز القيادة "اليوم، من حيث نسبة القوات، فإن الأفضلية لنا". وجاء في بيان الجيش أن شويغو أُبلغ أن القوات الروسية في وضع هجومي بعد السيطرة على مدينة أفدييفكا الصناعية الاستراتيجية.
وتكثف روسيا هجومها في الشرق وكانت بلدة ماريينكا المدمرة بالقرب من دونيتسك آخر النقاط الساخنة التي استولت عليها بعد أفدييفكا شديدة التحصين في 17 شباط/فبراير.
وتضرر الاقتصاد الأوكراني أيضا بسبب إغلاق المزارعين البولنديين الحدود، ما يهدد الصادرات ويعطل تسليم الأسلحة بحسب كييف.
في كييف تخيم أجواء قاتمة لكن لا تخلو من التحدي ويقول الأهالي إنهم باتوا معتادين على ظروف الحرب.
وقالت خبيرة التغذية أولغا بيركو في كييف "بالنسبة لنساء أوكرانيا، نتألم لأزواجنا وأبنائنا وآبائنا".
اضافت "أود حقا أن ينتهي هذا في أسرع وقت".
وقال يوري باسيتشنيك، رجل أعمال يبلغ 38 عاما "نعم، بالطبع تعلمنا كيف نتعايش معها... الحرب الآن هي حياتنا".
وقال كوستيانتين غوفمان (51 عاما) "أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الأسلحة حتى نتمكن من طرد هذه الروح الشريرة من أرضنا والبدء في إعادة بناء أوكرانيا".
وتحتاج أوكرانيا إلى نحو نصف تريليون دولار لإعادة بناء البلدات والمدن التي دمرت في الغزو الروسي، وفقا لأحدث تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية.
وتقدر أوكرانيا أن نحو 50 ألف مدني قتلوا.
نفاد الذخيرة
لم يعلن أي من الطرفين عن أعداد القتلى والجرحى العسكريين، فيما تؤكد كل جهة إلحاقها بالجهة الأخرى خسائر فادحة.
في آب (أغسطس) 2023 نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين قولهم إن حصيلة الخسائر العسكرية لأوكرانيا بلغت 70 ألف قتيل و120 ألف جريح.
وأشارت تسريبات استخباراتية أميركية في كانون الأول (ديسمبر) إلى مقتل أو جرح 315 ألف عسكري روسي.
وعلى الجبهة الشرقية تنخفض المعنويات في وقت تتكبد القوات الأوكرانية خسائر على الأرض أمام القوات الروسية التي تتفوق عليها عددا وعتادا.
وقال جندي قرب باخموت طالبا عدم الكشف عن هويته "نفدت الذخائر لدينا والروس يواصلون التقدم. عدد كبير من رفاقنا أصيبوا أو أسوأ من ذلك. كل شيء يزداد سوءا".
وأعلنت بريطانيا السبت عن حزمة عسكرية جديدة بقيمة 245 مليون جنيه استرليني (311 مليون دولار) للمساعدة في تعزيز إنتاج "ذخائر مدفعية تشتد الحاجة إليها" لأوكرانيا، فيما شدد رئيس الوزراء ريشي سوناك في بيان سابق تزامن مع ذكرى الحرب على أن "الطغيان لن ينتصر أبداً".
وعززت موسكو إنتاجها من الأسلحة بشكل كبير وحصلت على مسيرات من إيران، فيما تقول كييف إنها تأكدت من استخدام روسيا لصواريخ كورية شمالية.
وقال زيلينسكي في كانون الأول (ديسمبر) إن الجيش يسعى لتعبئة ما يصل إلى 500 ألف جندي إضافي. وأثار مشروع قانون بهذا الخصوص مخاوف واسعة النطاق.
وتسببت الحرب في عزلة أكبر لروسيا عن الغرب، مع فرض الولايات المتحدة وحلفاؤها سلسلة من العقوبات.
لكن بوتين تجاهل التداعيات وأشاد بالجنود معتبرا أنهم "أبطال وطنيون حقيقيون".
حملة قمع
واستغل بوتين فترة الحرب لحشد المشاعر الوطنية وشن حملة قمع أشد قسوة على المعارضة، فيما قلة من الأشخاص يجرؤون على التعبير عن معارضتهم للحرب.
ومع وفاة أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني في السجن خلت الساحة أمام بوتين المتوقع أن يحظى بولاية جديدة في الانتخابات الشهر المقبل.
في شوارع موسكو أكد معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم فرانس برس دعمهم للجنود الذين يحاربون في أوكرانيا.
وقالت نادجدا المهندسة في مجال البيئة والبالغة 27 عاما"أنا فخورة برجالنا".
أضافت "بالطبع أن قلقة عليهم لكن من المطمئن أنهم بخير. يحاربون من أجل وطننا".
لكن كونستانين استاذ الدراما والذي يعمل حاليا نادلا كان له رأي مغاير وقال "أنا ضد كل الحروب. مر عامان ويزعجني أن الناس لا يستطيعون التحدث لبعضهم البعض ولا يزالون في حرب".