ما زالت الحرب في غزة تحظى باهتمام واسع في الصحف البريطانية الصادرة الجمعة؛ حيث تناولت الصحف الدمار الكبير الذي لحق بمدينتي غزة وخان يونس إثر الاجتياح الإسرائيلي، والوضع الإنساني في غزة، و"المجاعة" التي يواجهها سكان القطاع.
نبدأ من صحيفة الفايناشال تايمز، وتقرير لميهول سريفاستافا في يافا وآلان سميث في لندن، وتقرير بعنوان "الأرض الخراب في أكبر مدينتين في غزة".
وتقول الصحيفة إنه على مدار 76 يوما من الحرب مع حماس، نفذ الجيش الإسرائيلي واحدة من أكبر حملات القصف في التاريخ على قطاع غزة المحاصر.
وتضيف أن الصحفيين الأجانب مُنعوا من الوصول إلى غزة، مما يجعل صور الأقمار الصناعية وبيانات الرادار هي الطريقة الوحيدة الموثوق بها لتقييم مدى الضرر.
وتقول الصحيفة إنها في تقريرها دمجت بيانات من الأقمار الصناعية، مع تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون. وتُظهر الصور الناتجة بوضوح كيف أدى التوغل الإسرائيلي إلى جعل شمال غزة غير صالح للسكن فعلياً.
ويقول تقرير الصحيفة إن القوات الإسرائيلية تقاتل حماس في خان يونس، الواقعة جنوبي غزة، وأصبح الدمار الواقع في المدينة يشبه حملتها في الشمال، الذي حولته إلى أرض خراب.
ويضيف أن "مدينة غزة كانت المحور الأولي للغزو الإسرائيلي. وحتى قبل دخول قوات الجيش الإسرائيلي إليها، وهي المدينة التي وصفتها إسرائيل بأنها قلب الآلة السياسية والعسكرية لحماس. دمرت حملة قصف متواصلة مساحات واسعة من المدينة التي كانت مركزا تجاريا مزدهرا ذات يوم".
وتضيف أنه من أجل السيطرة العملياتية على المدينة، طوّقتها القوات الإسرائيلية من الجنوب، ثم توغلت في مواقع فردية مثل مستشفى الشفاء، وحي الرمال - الراقي نسبيا - ومخيمي الشاطئ وجباليا للاجئين.
وتقول الصحيفة إنه دُمّر ما يصل إلى ثلاثة أرباع مدينة غزة، ويبدو أن الضرر الأعمق وقع في مخيمات اللاجئين ووسط المدينة وكذلك حول الشفاء وميناء غزة.
وتضيف أن جزءا كبيرا من سكان مدينة غزة فروا إلى الجنوب بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الشمال، مع ما يقدر بنحو 1.8 مليون شخص نزحوا قرب الحدود مع مصر.
وتقول الصحيفة إنه وبعد السيطرة على مدينة غزة، أرسل الجيش الإسرائيلي دباباته جنوبا نحو خان يونس. وقصفت القوات الجوية الإسرائيلية ثاني أكبر مدينة في القطاع في الأيام الأخيرة.
وتضيف إن عدد سكان خان يونس، بشوارعها المزدحمة الضيقة، شهد زيادة كبيرة في البداية بالفلسطينيين النازحين، الذين تم تحذيرهم بعد ذلك بالتوجه جنوبًا.
وتقول إن الجيش الإسرائيلي وصف القتال في خان يونس بأنه الأعنف الذي واجهه حتى الآن. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أُرسل لواء آخر، يتكون من بضعة آلاف من الجنود، لدعم التقدم نحو المدينة.
وتضيف أنه من غير الواضح متى، وما إذا كانت، إسرائيل ستخفض كثافة عمليتها القتالية، كما أن وزير الدفاع يوآف غالانت رفض تقديم جدول زمني خلال اجتماع عقد مؤخرا مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن.
غزة تواجه المجاعة
وننتقل إلى صحيفة التايمز وتقرير لكاثرين فيليب من تل أبيب وأمل حلس من رفح بعنوان "حماس ترفض اتفاق الرهائن وغزة تواجه المجاعة".
وتقول الصحيفة إن حماس رفضت إجراء المزيد من المفاوضات بشأن إطلاق سراح الرهائن حتى توقف إسرائيل حملتها العسكرية في غزة، مما أنهى الآمال في التوصل إلى اتفاق مؤقت جديد لوقف إطلاق النار مع تزايد المخاوف من تعرض الآلاف لخطر المجاعة.
وتستطرد الصحيفة قائلة إن الأمم المتحدة دقت ناقوس الخطر مجددا بشأن الوضع الإنساني المتدهور في غزة، محذرة من مجاعة "كارثية" وتعرض الآلاف لخطر المجاعة، مضيفة أن أربع أسر من بين كل خمس أسر في شمال غزة ونصف النازحين في الجنوب يعيشون أيامًا دون أي طعام، وفقًا للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) الذي يقيس الجوع وسوء التغذية.
وقال تقرير الأمم المتحدة "يتزايد خطر المجاعة كل يوم مع استمرار أو تفاقم الوضع الحالي المتمثل في الأعمال العدائية المكثفة وتقييد وصول المساعدات الإنسانية". وأوضح أن 90 بالمئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعانون من أزمة جوع، بما في ذلك 40 بالمئة مصنفون على أنهم في "حالة طوارئ" و15 بالمئة في "كارثة".
وقال تقرير الأمم المتحدة "هذه هي أعلى نسبة من الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد التي صنفتها مبادرة التصنيف المتكامل للأمن الغذائي على الإطلاق في أي منطقة أو بلد معين".
وتضيف الصحيفة أن منظمة هيومان رايتس ووتش تتهم إسرائيل باستخدام التجويع "كوسيلة من وسائل الحرب" من خلال حصارها للقطاع ومطالبتها بالسماح فقط للقوافل الإنسانية التي فحصها الأمن الإسرائيلي بالدخول، مما أدى إلى تباطؤ الإمدادات للسكان.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي وأرملة المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين، للصحيفة "الوضع أسوأ من أي وقت مضى، ولا أحد في غزة في مأمن من خطر المجاعة".
ووصفت منظمات الإغاثة الأزمة في غزة يانها غير مسبوقة. وقالت نويليا مونغ، رئيسة قسم الطوارئ في منظمة العمل ضد الجوع: "كل ما نقوم به غير كاف لتلبية احتياجات مليوني شخص.
وأضافت "من الصعب العثور على الدقيق والأرز، ويضطر الناس إلى الانتظار لساعات للوصول إلى المراحيض والاغتسال. نحن نواجه حالة طوارئ لم أرها من قبل".
وذكر جمال الحمص، مدير المستشفى الكويتي في رفح، للصحيفة أنه يرى مئات الأطفال يعانون من الأمراض المعدية بسبب نقص المياه النظيفة والصرف الصحي. وقال: "لا توجد مياه صحية للشرب في جميع المناطق التي تم إجلاء الناس إليها في رفح". "إننا نفقد الكثير من الأشخاص والأطفال والرضع الذين يموتون بسبب هذه الأمراض."
"أخشى على عائلتي المحاصرة بالقناصين في الكنيسة الكاثوليكية في غزة"
وننتقل إلى صفحة الرأي في صحيفة الإندبندنت ومقال لليلى موران، عضوة البرلمان البريطاني عن حزب "الديمقراطيون الأحرار"، بعنوان "أخشى على عائلتي المحاصرة بالقناصين في الكنيسة الكاثوليكية في غزة".
وتقول موران والدتي فلسطينية، ونحن مقدسيون ولكن لدينا أيضًا أقارب في مدينة غزة. وتضيف: يجب أن أؤكد أن هذا لا يتعلق فقط بالاهتمام بالمسيحيين، فنحن جميعا فلسطينيون".
وتقول إن أقاربها لجأوا إلى مجمع الكنيسة، أبرشية العائلة المقدسة، منذ أكتوبر/تشرين الأول، وتوفي أحد أفراد الأسرة بالفعل بعد أن مرض ولم يتمكن من الوصول إلى المستشفى. وأصيب آخر بالمرض بعد شرب مياه ملوثة.
وتضيف أنه خلال الأسبوع الماضي، سمعنا المزيد من التقارير عن إطلاق نار حول مجمع الكنيسة. تم إطلاق النار على عامل جمع القمامة والحارس في الخارج وكانت جثتيهما ملقاة على الطريق.
وتؤكد موران أن جميع من بداخل الكنيسة من المدنيين، هناك نساء وأطفال وأشخاص معا ولا يوجد أحد له أي علاقة بحماس.
وتضيف أن "المجتمع المسيحي في غزة صغير، والجميع يعرفون بعضهم البعض. وعلمت من الموجودين في الكنيسة أنه يُسمح فقط للأشخاص الذين يعرفهم الكهنة بالدخول".
وفي نهاية الأسبوع، اتصل الجيش الإسرائيلي بالأب وأخبره أنه ستكون هناك ساعتان دون إطلاق نار. وقد وفر ذلك بعض الراحة، وسمح للعائلات التي تعيش في أجزاء مختلفة من الكنيسة برؤية بعضها البعض على الأقل ومعرفة أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
وتتساءل: "إذا كان الجيش الإسرائيلي على علم بأن الكنيسة لا تضم إلا المدنيين، فلماذا لا يستطيع وقف حصار القناصين بشكل كامل؟".
وأضافت: "يجب علينا أن نضمن احترام القانون الإنساني الدولي، وأنه في حالة حدوث انتهاكات، يتم التحقيق فيها بشكل كامل. إنني أحث جميع العائلات على تقديم الأدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أتواصل معها".