"إيلاف" من لندن: أعلنت الرئاسة العراقية اليوم ان مشروع قانون "استرداد عائدات الفساد" الذي كشف الرئيس العراقي برهم صالح امس عن تقديمه الى البرلمان يشمل جميع المسؤولين وكذلك اصحاب القرار منذ عام 2004 وتقديمهم موافقة برفع السرية عن ارصدتهم والدول التي توجد فيها حساباتهم المصرفية مع افراد عائلاتهم والمقربين منهم كما ينص على التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من اجل التحري عن اموال العراق المهربة للخارج وعوائدها.
وأشارت الرئاسة في بيان تابعته "ايلاف" الى إن "القانون يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسنموا المناصب العليا الأكثر عرضة للفساد، ومنذ عام 2004 وحتى الآن من درجة مدير عام فما فوق وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب خلال 17 سنة الماضية". ويضم مشروع القانون ستة فصول جاءت بـ45 مادة.. وهذه الفصول هي : التعاريف،استرداد عائدات الفساد داخل العراق،التعاون مع الجهات القضائية والتحقيقية والرقابية،استرداد عائدات الفساد المهربة خارج العراق،المساعدة القانونية،أحكام ختامية".
وأضافت الرئاسة أن "القانون يهدف لاسترداد الأموال الآتية داخل العراق وخارجه: الأموال والعائدات الاجرامية في اية جريمة فساد، او ممتلكات تعادل قيمتها والايرادات والمنافع المتأتية من عائدات جريمة فساد والممتلكات التي حولت اليها او بدلت بها او التي اختلطت معها".
وقالت ان القانون يقضي بتزويد هيئة النزاهة الى البنك المركزي العراقي بقائمة شاغلي المناصب العليا وافراد اسرهم والاشخاص وثيقي الصلة بهم خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون وتحديثها سنوياً ويقوم البنك المركزي العراقي بأعمامها على المؤسسات المالية لإجراء التدقيقات عليها".
شمول عائلات المسؤولين ومن لهم علاقة سياسية وتجارية معهم
وأوضحت الرئاسة ان "التقصّي والتحقيق عن أموال الفساد يشمل أيضا افراد عوائل المسؤولين واصدقائهم والمقربين الذي تربطهم أي نوع من العلاقة سياسية او تجارية الى جانب أصحاب النفوذ وهم الأشخاص الذين لهم تأثير في صنع القرارات داخل مرافق الدولة وأجهزتها".. كما يطالب "شاغلي المناصب العليا تقديم إقرار خطي خلال 60 يوما بتخويل هيئة النزاهة والمحاكم العراقية بطلب المعلومات من الدول التي يكون لهم فيها حسابات مصرفية، حيث يعد ذلك إقراراً منهم برفع السرية عن ارصدتهم للجهات الرسمية العراقية والدول التي توجد فيها الحسابات المصرفية، وبخلافه بعد مرور 60 يوماً يعد مستقيلاً من وظيفته".
ويخول مشروع القانون هيئة النزاهة "بناءً على توفر الأدلة وبالتنسيق مع جهاز المخابرات وديوان الرقابة المالية التحري عن التعاملات المالية والتحويلات والاملاك في داخل العراق وخارجه للمشمولين بهذا القانون للتقصي عن مصادرها وطبيعة تأثيرهم في صنع القرار داخل سلطات الدولة وأجهزتها وملاحقة أي جرائم فساد تظهر نتيجة التحريات".
فريق تحقيق وتقصي
ويقضي مشروع القانون ايضا على "تشكيل فرق تحقيق وتقصّي بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات وهيئة النزاهة والبنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية وبالتعاون مع الدول للتحرّي عن الأموال المهربة الى الخارج والفاسدين، وجمع المعلومات والوثائق عن أموال العراقيين الموجودين في هذه الدول الذين شغلوا مناصب عليا في العراق"، لافتاً الى أن "تضع وزارة الخارجية وعبر الوزارات والهيئات ذات العلاقة خطة لإبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول لاسترداد الاموال العراقية المهربة للخارج وعوائدها والفاسدين وتسليمهم الى السلطات العراقية".
وأضافت ارئاسة ان مشروع القانون يقضي ايضا على "التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من اجل التحري عن اموال العراق المهربة للخارج وعوائدها"، لافتة الى ضرورة "أن تُشعر المؤسسات المالية، البنك المركزي العراقي، بقوائم يتم اعدادها بالمعاملات المالية والتي تزيد قيمتها عن 500 الف دولار امريكي لأجراء التحريات عنها".
وشددت على ضورة أن "تلتزم المؤسسات المالية العراقية وبإشراف البنك المركزي التحقق من الزبائن لتحديد هوية المالكين من الأموال المودعة في حسابات تزيد قيمتها على مليون دولار"، مشيرة الى "الغاء او فسخ أي عقد او إجازة استثمارية يتم ابرامها بناءً على رشوة او استغلال نفوذ، او اي فعل من افعال الفساد".
مكافآت للمبلغين عن الفساد
واوضحت أنه "لتشجيع التبليغ عن الفساد تُمنح مكافأة مالية تصل الى 5% من قيمة جريمة الفساد للمخبر الذي يُدلي بمعلومات عن جريمة التي تقود لاستعادة أموال الفساد"، مضيفة أن "عقوبات المدانين بجرائم الفساد تشمل المصادرة ونزع الملكية لكل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، والمستندات والصكوك القانونية".
ونوهت الرئاسة العراقية الى أن "وفاة المتهم بالفساد او انقضاء فترة الدعوى القضائية، لا يمنع عدم مسؤوليته عن الجريمة ولا يجوز العفو عنه، وتخضع ممتلكاته وامواله لعقوبات تهم الفساد".
الأسباب الموجبة
وتشير مسودة مشروع القانون الى ان الاسباب الموجبه له هي "من اجل تعزيز قدرات هيئة النزاهة للقيام بواجباتها باسترداد اموال الفساد وملاحقة المطلوبين والمحكومين داخل العراق وخارجه بالتعاون مع وزارة الخارجية وجهاز الادعاء العام وديوان الرقابة المالية الاتحادي والجهات ذات الصلة والتحري وتبادل المعلومات واقامة الدعاوى المدنية وتحريك الشكاوى الجزائية وانتداب قضاة مختصين في مجال النزاهة ومنح المخبر مكابأة على المعلومات التي يقدمها في هذا المجال تطبيقا لاحكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004".
الهدف استعادة 150 مليار دولار من أموال الفساد
وأمس الاحد اعلن الرئيس العراقي عن تقديمه مشروع قانون الى البرلمان لاستعادة 150 مليار دولار تم تهريبها الى الخارج عبر صفقات فاسدة منذ عام 2004 ومحاكمة الفاسدين داعيا الى تحالف دولي لمكافحة الفساد مشيرا الى ان الفساد عطّل إرادة الشعب بالتقدم والبناء وتسبب بخروج الشباب المتظاهرين للمطالبة بوطن يخلو من الفساد .
واضاف ان العراق خسرا 150 مليار دولار هربت من صفقات الفساد إلى الخارج منذ عام 2003 . وفيما نوه الى عدم أمكانية التعامل مع الفساد محلياً فقد لفت الى ان مشروع القانون يسعى لاسترداد أموال الفساد عبر اتفاقات مع الدول والتعاون مع الجهات الدولية .
وكانت منظمة الشفافية الدولية قد خلصت في تقريرها الصادر مطلع العام الحالي عن مؤشرات الفساد لعام 2020 إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال شديدة الفساد موضحة ان العراق احتل المرتبة 160 من بين الـ 180 دولة في العالم في مؤشرها للفساد حيث تحدثت عن مستويات الفساد فيه متقدما على ليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال وجنوب السودان وحصل على 21 نقطة من بين 100 نقطة التي تصنف الدول من الأكثر إلى الأقل فسادا.
يشارالى ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان قد اعلن في 30 أغسطس 2020 عن تشكيل لجنة عليا تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية . وكانت موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية قد انطلقت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى في وسط وجنوب البلاد اواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت المئات من القتلى من المتظاهرين وآلاف الجرحى بينهم عناصر من قوات الأمن.