: آخر تحديث
طفل يطرح السؤال الأصعب في الكون

"Ellio"... حين يتحوّل الكرتون إلى تأمل في العزلة والوعي والاتصال بالنجوم

3
2
3

إيلاف من لندن: هل نحن وحدنا في هذا الكون؟ بهذا السؤال الفلسفي ينطلق فيلم الرسوم المتحركة "Ellio" من إنتاج Pixar، ليصطحبنا في رحلة تتجاوز حدود الأرض إلى فضاء الأسئلة الوجودية، ودهشة الطفل الذي يرى في غربته دليلاً على أنه مختلف… وربما يحمل رسالة فريدة.

يروي الفيلم قصة "إيليو"، طفل يتيم تولّت عمته تربيته، وهي تعمل في وكالة الفضاء. يجد إيليو صعوبة في الاندماج مع من حوله، لكنه يوجّه اهتمامه نحو ما هو أبعد من الأرض، محاولًا منذ صغره التواصل مع الكائنات الفضائية باستخدام ما تعلمه من عمته وتقنيات الأقمار الصناعية.

تتغير حياة إيليو بالكامل عندما يصور الفيلم نجاحه في التواصل مع كائنات فضائية، مما ينقله في رحلة كونية لاكتشاف عوالم جديدة، وربما ذاته الحقيقية.

ورغم أن "Ellio" يُقدَّم كفيلم موجَّه للأطفال والعائلات، إلا أنه يتجاوز البُعد الترفيهي ليطرح قضايا كبرى مثل: العزلة، الهوية، الانتماء، وحتى تصورات علمية وتأملات فلسفية معقدة.

ورغم طابعه الخيالي، يتناول الفيلم موضوعات تُناقش اليوم ضمن نطاق التكهنات أو الفرضيات غير المثبتة، ومنها ما يُدرج في إطار ما يُعرف بـ"نظريات المؤامرة".

يتناول الفيلم موضوع الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs) ورصدها المتكرر، وهي مسألة لم تعد تُقابل بالإنكار الكامل، بل تُناقش اليوم كاحتمال قائم، يُدرج أحيانًا ضمن ما يُعرف بـ"نظرية المؤامرة".

كما يشير الفيلم إلى عملية استنساخ، حيث يستنسخ إيليو نفسه بمساعدة كائن فضائي، من خلال أخذ جزء من دماغه (ربما خلية) لصناعة جسد جديد يُنقل إليه وعيه، ليصبح نسخة طبق الأصل شكلاً ومضمونًا. وهنا تتقاطع القصة مع واقع علمي، إذ أعلنت وسائل إعلامية كـ CNN عام 2021 عن أول عملية استنساخ ناجحة لحيوان أمريكي مهدد بالانقراض، ومع التطور التكنولوجي أصبح الإنسان الآلي المشابه للبشر أمرًا واقعًا، ويُعتقد أن ذلك قد يكون تمهيدًا للكشف عن استنساخ بشري مخفي منذ زمن.

كذلك، استخدم إيليو بوابات نجمية للنفاذ إلى عوالم أخرى، وهي فكرة تكررت في نظريات عدد من العلماء، ظهر بعضهم في برنامج "تجارب جو روجان"، إلى جانب باحثين عرب كالدكتورة مايا صبحي المتخصصة بعلم الماسونية.

وفي مشاهد أخرى، يظهر وجود الثقوب السوداء، وقد نُشرت أول صورة فعلية لها عام 2019، باستخدام مقراب "أفق الحدث"، وهي الظواهر التي طالما تحدث عنها علماء مثل أينشتاين، وفسّرها فلاسفة كالدكتور مصطفى محمود في إحدى حلقات برنامجه (العلم والإيمان).

لكن أكثر ما يلفت الانتباه في الفيلم هو الطريقة التي يُصوَّر بها الكون، ليس كمكان جامد، بل ككيان واعٍ، متصل بالوجود والذات، وهذا ما يقوله الآن علماء الطاقة وأصحاب نظريات قوة التجاذب التي انتشرت بشدة بعد إصدار كتاب السر (The Secret).

أيضًا، أسلوب التواصل بين إيليو والكائنات الفضائية مستوحى من تقارير وتجارب واقعية لأشخاص زعموا أنهم مرّوا بتجارب اتصال غير مألوفة، فإيليو لا يفهم لغتهم إلا إذا وضعوا شبه جهاز على صدره، عمله أن يوحد اللغة بينهم.

رؤية فنية متكاملة من Pixar كالعادة، تُبدع Pixar في تقديم تجربة بصرية مبهرة. ويتميز "Ellio" برسوم متحركة عالية الجودة، وبتفاصيل دقيقة سواء في تصميم الكائنات الفضائية أو البيئات الكونية، ما يجعل المشاهد يشعر وكأنه يسافر فعلًا بين النجوم. الألوان مختارة بعناية لتعكس الحالة الشعورية لكل مشهد، بدءًا من عتمة العزلة وصولًا إلى اتساع الكون. أما الأداء الصوتي، فكان مناسبًا ومعبّرًا، خاصة صوت إيليو الذي جمع بين البراءة والفضول، بينما أضفت المؤثرات الصوتية عمقًا للأجواء الفضائية. والموسيقى التصويرية جاءت حساسة ومتوازنة، تدعم المشهد دون أن تطغى عليه، وتسهم في بناء التوتر أو اللحظة التأملية ببراعة.

خاتمة الفيلم تبدو مفتوحة ظاهريًا بنفس سؤال المقدمة، ولكن لمن فهم ما بين السطور، فهي خاتمة توثيقية، تُطرح بنبرة استنكارية، كأنها تقول: بعد كل ما شاهدته، وكل ما ربطته بالواقع… هل ما زلت تعتقد أننا وحدنا؟!

الفيلم بشكل عام يدعو إلى التأمل، وهو ممتع للمشاهدة العائلية.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه