: آخر تحديث

أكبر قافلة من الغوطة تصل إلى وجهتها والإجلاء مستمر

93
104
89

دمشق: يتكرر مشهد الإجلاء ذاته في الغوطة الشرقية منذ أيام، ويستعد مقاتلون ومدنيون الثلاثاء للخروج منها باتجاه شمال البلاد، فيما يبقى مصير مدينة دوما مجهولاً مع تهديد قوات النظام بشن هجوم عليها ما لم يتم التوصل الى اتفاق.

وتؤذن عمليات الإجلاء المستمرة من الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بنهاية فصل دام ومرير في منطقة تعرضت للقصف والحصار لاكثر من خمس سنوات.

على خطى آلاف سبقوهم وآخرين سيلحقون بهم، يتجمع الثلاثاء مقاتلون معارضون ومدنيون منذ ظهر الثلاثاء في حافلات تقلهم من مدينة عربين في جنوب الغوطة إلى نقطة تجمع قريبة.

وباتت حتى مساء الثلاثاء، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، 51 حافلة تقل "3268 شخصاً بينهم 770 مسلحاً" من بلدات زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي المحاذي لها جاهزة لانطلاق. 

وكما حصل في الأيام السابقة، تقف تلك الحافلات لساعات طويلة بانتظار اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق باتجاه محافظة ادلب في شمال غرب البلاد. وفي زملكا، أفاد مصور لفرانس برس عن تجمع الناس في أعداد كبيرة في الطرقات بانتظار حافلات الإجلاء.

وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين الى منطقة إدلب (شمال غرب)، في عملية تمهد لاستكمال قوات النظام انتشارها في الغوطة الشرقية بعدما باتت تسيطر على اكثر من تسعين بالمئة منها.

وبعدما انتهت عملية حرستا خلال يومي الخميس والجمعة، يستمر منذ السبت إجلاء مقاتلي فصيل فيلق الرحمن من البلدات الجنوبية.

وبعد رحلة طويلة استمرت نحو عشر ساعات منذ فجر الثلاثاء، وصلت بعد الظهر قافلة من مئة حافلة تقل 6749 شخصاً، ربعهم من المقاتلين، إلى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي قبل نقلهم لاحقاً إلى ادلب. وارتفع بذلك عدد الأشخاص الذين غادروا الغوطة الشرقية منذ الخميس إلى أكثر من 17 ألفاً.

ورجح المتحدث باسم فيلق الرحمن وائل علوان أن يصل عدد الاشخاص الذين سيخرجون من المناطق الجنوبية، إلى نحو ثلاثين ألفاً.

وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف منذ 18 فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد الاكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية العام 2016. وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

الاستسلام أو الهجوم
وبعد انتهاء عملية الاجلاء من البلدات الجنوبية، ستصبح دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل قرب دمشق.

وتجري منذ أيام مفاوضات مباشرة حول مصير مدينة دوما بين روسيا وفصيل جيش الإسلام، الذي طالما كان الأكثر نفوذا في الغوطة الشرقية. 

وكانت المفاوضات تتركز أساساً على تحويل دوما إلى منطقة "مصالحة" يبقى فيها جيش الإسلام وتعود إليها مؤسسات الدولة من دون دخول قوات النظام، ويتم الاكتفاء بنشر شرطة عسكرية روسية.

ويبدو أن المفاوضات تواجه عراقيل عدة، وقد هددت دمشق وحليفتها موسكو بشن عملية عسكرية ضد المدينة ما لم يوافق جيش الإسلام على الخروج منها. وقال مصدر معارض مطلع على المفاوضات في دوما لفرانس برس "في آخر اجتماع لهم الاثنين، خيّر الروس جيش الإسلام بين الاستسلام أو الهجوم"، وجرى منح الفصيل المعارض مهلة أيام قليلة للرد.

وأوضح مصدر ثان معارض "لا يريد الروس اتفاقاً مختلفا في دوما عن (الاتفاقات التي تم التوصل اليها في) سائر مناطق الغوطة".  
ونقلت صحيفة الوطن السورية على حسابها على تلغرام عن مصدر عسكري الثلاثاء أن القوات السورية تستعد "لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش الاسلام على تسليم المدينة ومغادرتها".

وفي المقابل أكد المتحدث بالعسكري باسم جيش الإسلام حمزة بيرقدار لوكالة فرانس برس "قرارنا قدمناه وهو البقاء"، مشيراً إلى اجتماع سيعقد الاربعاء بين الروس واللجنة المعنية بالمفاوضات.

وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب.

اعتقالات
وتشرف روسيا مباشرة على تنفيذ عملية الاجلاء، اذ ينتشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية عند ممرات الخروج، يسجلون الأسماء، ويشرفون على تفتيش الركاب ويرافقونهم في رحلتهم الطويلة الى الشمال.

وقبل التوصل الى اتفاقات الاجلاء، وعلى وقع تقدم قوات النظام، تدفق عشرات آلاف المدنيين عبر ممرات حددتها قوات النظام إلى مناطق سيطرتها.

وقدرت دمشق عدد المغادرين عبر "الممرات الآمنة" منذ نحو أسبوعين بـ110 آلاف مدني. ونقل هؤلاء الى مراكز إيواء برعاية الحكومة يتواجد فيها وفق الأمم المتحدة نحو 55 ألف شخص.

وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرّضهم للاعتقال أو الاحتجاز للتجنيد الإلزامي بالنسبة الى الشبان، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى مع كثافة القصف والمعارك. وأفاد المرصد السوري أنه وثق اعتقال قوات النظام أكثر من 40 رجلاً وشاباً في بلدات سيطرت عليها أخيراً. وإلى جانب عملية الإجلاء، أفرجت الفصائل المعارضة عن معتقلين مدنيين وعسكريين لديها.

وأوردت سانا أنه جرى ليل الاثنين "تحرير 28 من المختطفين كانت تحتجزهم المجموعات الإرهابية في بلدة عربين". وكان تم الإفراج عن ثمانية آخرين السبت.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار