: آخر تحديث
تعتبر العملية الأكبر إقليميًا بموجب اتفاق روسي

إجلاء أكثر من 5 آلاف مقاتل ومدني من جنوب الغوطة

79
102
80

خرج أكثر من 5400 شخص من مقاتلين ومدنيين الأحد من جنوب الغوطة الشرقية، في عملية إجلاء هي الأكبر في يوم واحد بموجب اتفاق مع روسيا، وتفتح الطريق أمام قوات النظام للسيطرة على كامل المنطقة باستثناء مدينة دوما معقل الفصائل الأخير قرب دمشق.

إيلاف: تشكل خسارة الغوطة الشرقية التي حاصرتها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013 واستهدفتها بهجوم عنيف منذ 18 فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة التي احتفظت طوال سنوات بقدرتها على تهديد أمن دمشق.

توصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما اجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين الى منطقة ادلب (شمال غرب)، فيما تجري مفاوضات مع جيش الاسلام بشأن مدينة دوما، قال أحد قيادييه انها تضمن "البقاء" في المدينة.

وخرجت منذ صباح الأحد عشرات الحافلات تدريجياً واحدة تلو اخرى من جنوب الغوطة عبر ممر عربين، وانتظرت حتى اكتمال القافلة لتبدأ بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء التحرك في طريقها الى ادلب.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي بعد منتصف ليل الاحد الاثنين أن "81 حافلة تقل 5435 من المسلحين وعائلاتهم" كانت جاهزة للانطلاق.

ومع اجلاء 981 شخصاً في دفعة أولى السبت، يرتفع العدد الاجمالي للذين تم اخراجهم من زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي الى أكثر من 6400 شخص بين مقاتلين وافراد عائلاتهم ومدنيين آخرين. وكان التلفزيون السوري الرسمي رجح عند اعلانه التوصل للاتفاق الجمعة، اجلاء نحو سبعة آلاف شخص من جيب سيطرة فيلق الرحمن.

وغالباً ما تعلن قوات النظام بعد انتهاء تطبيق عملية الاجلاء، المنطقة المعنية خالية من وجود الفصائل قبل أن تدخلها وتبدأ عملية تمشيطها.

لم أحمل سلاحاً
وخلال ساعات الانتظار الطويلة، شاهد مراسل فرانس برس ركاباً يخرجون من الحافلات لتدخين السجائر أو لتناول بسكويت تم توزيعه عليهم. وشاهد مراسل فرانس برس العديد من مقاتلي الفصائل وهم يؤدون الصلاة أثناء انتظارهم وأسلحتهم معلقة على اكتافهم فيما عمل جنود روس على منع الصحافيين من الاقتراب من مكان التجمع.

وتخضع الحافلات بعد خروجها من عربين، لعملية تفتيش من قوات النظام للتأكد من احتفاظ المقاتلين بسلاحهم الخفيف فقط قبل أن يستقل جندي روسي كل حافلة لمرافقتها حتى بلوغ وجهتها.

وقال المقاتل أبو محمد (27 سنة) لفرانس برس اثناء انتظاره "قررت المغادرة لأحافظ على حياة زوجتي وأطفالي". وأوضح أبو يزن، وهو شاب في العشرينيات، "أنا مدني ولم أحمل السلاح، هجّرت من منطقتي بعد قصف عنيف جداً".

وتعرّضت الغوطة الشرقية منذ 18 فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بمقاتلي المعارضة الى القبول بالتفاوض.

في عربين وقبل دخول الحافلات صباحاً، تجمع عشرات المقاتلين والمدنيين وسط حالة من الحزن، بعدما وضبوا ما أمكنهم من حاجياتهم في الحقائب وأكياس من القماش، وفق مراسل لفرانس برس. ولم يتمكن بعضهم من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود الى الحافلات وسط شوارع مملوءة بالركام وعلى جانبيها أبنية مهدمة وأخرى تصدعت واجهاتها او طبقاها العلوية جراء كثافة القصف.

وقال أحد السكان ويدعى حمزة عباس لفرانس برس "يخرج الناس الى بلاد غير بلادهم. لم يعد لديهم مال أو منازل أو حتى ملابس ليأخذوها نتيجة القصف". وأضاف بتأثر "قررت مغادرة الغوطة، كيف بامكاني أن أعيش مع شخص قتل أهلي وأصدقائي؟ مع من دمرني ودمر مستقبلي؟".

يأتي اخلاء جنوب الغوطة الشرقية، حيث لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) تواجد محدود بعد اجلاء اكثر من 4500 شخص بينهم 1400 مقاتل من حركة احرار الشام يومي الخميس والجمعة.

وقبل التوصل الى اتفاقات الاجلاء، تدفق عشرات الآلاف من المدنيين الى مناطق سيطرة قوات النظام مع تقدمها ميدانياً داخل مناطق سيطرة الفصائل.

وقدرت دمشق عدد الذين غادروا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية منذ نحو أسبوعين بأكثر من 107 آلاف مدني عبر "الممرات الآمنة" التي حددتها الحكومة السورية. 

بانتظار مصير دوما
وبعد حرستا وجنوب الغوطة، تتوجه الانظار الى مدينة دوما مع انتظار نتائج مفاوضات تجرى مع مسؤولين روس.

وقال الناطق باسم جيش الاسلام حمزة بيرقدار في تصريحات نشرها على موقع تلغرام ليل الأحد إن "المفاوضات الجارية مع روسيا هي من أجل البقاء في دوما وليس الخروج منها".

وبعد وقت قصير، أعلنت اللجنة المدنية التي تشارك في التفاوض حصول لقاء مع الوفد الروسي، تمت خلاله منقاشة نقاط عدة على أن يعقد اجتماع مقبل بعد ثلاثة ايام. 

ويرجح المرصد السوري لحقوق الانسان أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يقضي بتحويل دوما الى منطقة "مصالحة" على أن تعود اليها مؤسسات الدولة مع بقاء مقاتلي "جيش الإسلام" من دون دخول قوات النظام.

وتتواصل منذ أيام عدة حركة النزوح من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، وأفادت وكالة سانا بخروج 1092 مدنيا الاحد. وجعل النظام السوري، في مطلع هذا العام، من استعادة السيطرة على الغوطة الشرقية اولوية له نظرا الى رمزيتها الكبيرة بسبب قربها من العاصمة، وهي تعد من أولى المناطق التي شهدت تظاهرات احتجاج مناهضة للنظام في عام 2011.

وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة، بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب في نهاية العام 2016.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار