الرباط: يعد رئيس الحكومة المكلف، سعد الدين العثماني، القوة الهادئة في حزب العدالة والتنمية ، ذلك انه يختلف في أسلوبه تماما عن عبد الإله ابن كيران، حيث يعرف ابن مدينة إنزكان (جنوب المغرب) المولود سنة 1956،بابتسامته المعهودة .
واقتحم العثماني عالم السياسة قادما من الدعوة والفقة، بالإضافة إلى أنه يشتغل طبيبا نفسانيا.
وأعاد الاختيار الملكي العثماني إلى الواجهة، بعدما توارى عن الأضواء في حكومة ابن كيران الثانية إذ تنازل عن حقيبة وزير الخارجية والتعاون، لصلاح الدين مزوار، بعد التعديل الحكومي الذي تلا انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة.
ويحسب العثماني أنه رفض تولي أي منصب حكومي آخر، بعد مغادرته الخارجية ، على الرغم من إصرار ابن كيران على بقائه في الحكومة، وعاد لمزاولة الطب النفسي في عيادته في الرباط.
ويحظى الرجل باحترام كبير في صفوف حزب العدالة والتنمية والطبقة السياسية في البلاد، إذ قاد حزب العدالة والتنمية ما بين 2004 و 2008، قبل أن يخلفه ابن كيران على رأس الأمانة العامة، فضلا عن أنه كان نائبا للراحل عبد الكريم الخطيب، مؤسس الحزب منذ 1997.
ويبقى رئيس الحكومة الجديد، أحد أبرز منظري التيار الإسلامي في المغرب في الميدان السياسي ، وأحد مهندسي خيار المشاركة والتمييز بين الدعوي والسياسي، التي أصبحت من العلامات الفارقة في التجربة السياسية للإسلاميين المغاربة الذين كانوا سباقين في هذا الباب، قبل أن تلتحق بهم حركة النهضة التونسية في مؤتمرها الأخير، وتقرر الفصل بين الدعوي والسياسي.
وتلقى العثماني الذي نشأ في أسرة عالمة ومحافظة في منطقة سوس، تعليما مزدوجا جمع فيه بين العلوم الرياضية والدينية، وحصل على الدكتوراه في الطب العام سنة 1986، في كلية الطب والصيدلة في الدار البيضاء، قبل أن يحصل على دبلوم التخصص في الطب النفسي سنة 1994 في المركز الجامعي للطب النفسي في المدينة ذاتها.
وفي سنة 1999 نال دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط في موضوع "تصرفات الرسول صلى الله عليه بالإمامة وتطبيقاتها الأصولية"، وكان قد حاز قبلها شهادة الدراسات العليا في الفقه وأصوله سنة 1987 في دار الحديث الحسنية الرباط.
ويشغل العثماني إلى جانب نشاطه السياسي، مجموعة من المهام العلمية والثقافية، إذ يعد عضو المكتب التنفيذي لجمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية (منذ سنة 1989)، وعضوا مؤسسا في "الجمعية المغربية لتاريخ الطب"، بالإضافة الى انه من مؤسسي "حركة التوحيد والإصلاح" الدعوية، القريبة من حزب العدالة والتنمية.
وألف العثماني عددا من الكتب في مجال الفقه والدعوة والسياسة، من أبرزها "في الفقه الدعوي: مساهمة في التأصيل"، و"في فقه الحوار"، و"فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام ابن تيمية"، بالإضافة إلى كتاب "قضية المرأة ونفسية الاستبداد"، و"طلاق الخلع واشتراط موافقة الزوج"، و"تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة: الدلالات المنهجية والتشريعية"، و"الدين والسياسة: تمييز لا فصل"، كما ساهم في تأليف عدد من الكتب الجماعية وله العشرات من المقالات العلمية المتخصصة.
وتبقى مهمة العثماني بشأن مشاورات تشكيل الحكومة صعبة وشاقة، خاصة وأن ابن كيران ظل لأزيد من 5 أشهر يحاول فك شفراتها من دون أن يحقق أي نجاح يذكر.
فهل ينجح الطبيب النفساني في ما فشل فيه أستاذ الفيزياء؟ سؤال ستجيب عليه الأيام المقبلة .