: آخر تحديث
طريقي

الجمهورية الثالثة.. ومصدات دويلات الطوائف بأعلام

7
7
7

في مكتبه الذي كان يختزل آخر مؤسسات الثقة في لبنان، التقيت ربيع العام الماضي "فخامة" قائد الجيش "آنذاك" جوزف عون. تحدث بعز عن عذوبة وأصالة وشهامة تربيته القروية، وكأن أغصان السنديان منحته من الصغر أرفع أوسمة الصلابة. كما تحدث بألم عن واقع لبنان، وإصراره على إبقاء المؤسسة العسكرية شعلة الامن ونواة الأمل رغم كل الصعاب.

ولن تغيب عن مخيلتي كيف انتفض من مكانه وهو يروي معاناة اللبنانيين ووقف أمام نافذة مكتبه حيث مشهد العناق بين الجبل والبحر وقال "بلدنا جميل، بل الوطن الأجمل" ثم التفت نحونا "ونحن شعب جبار راح ننهض.. راح ننهض". حين خرجت تبلور لدي انطباع بانه رجل دولة بامتياز وكم بحاجة لبنان لرجالات دوله تتسلح بـ"الشرف والتضحية والوفاء".

اليوم، يعيش لبنان واللبنانيون أفراحًا وطنية، ومشاعر الأمل تحتل بؤر اليأس. ويدركون أن سيد القصر لا يؤمن بالصفقات السياسية، وقد كان خطاب القسم في التاسع من كانون الثاني (يناير) بمثابة مشروع ولادة الجمهورية الثالثة.

لم يعد سراً أن رغبات أركان المنظومة السياسية كانت تمضي مع رياح عودة نجيب ميقاتي الى رئاسة الحكومة، لكن "الحالة" التي أوجدها خطاب القسم استنهضت ما يشبه "تسونامي" شعبي ضاغط فكان أن توجت آمال التواقين للتغيير بوصول القاضي النزيه ابن البيت السياسي العريق نواف سلام الى السراي الحكومي.

أحد الضالعين في صناعة الاحداث في لبنان أسر لي بان الرئيس نواف سلام كان في بيروت قبل أيام من انطلاق الاستشارات النيابية، والتقى مجموعة من النواب الداعمين له، وكانوا قلة، ولم يكن في وارد الحصول على الرقم الذي يؤهله للمنافسة. وتم تناول العودة بعد الانتخابات النيابية العام المقبل، بيد ان "تسونامي" الامل بالتغيير من جهة، والضغط الإقليمي والدولي لطي مرحلة "خذ وهات" من جهة ثانية فرضا واقعا معينا قاد القاضي نواف سلام الى سدة الرئاسة الثالثة.

في التقدير، لن يرضخ الرئيس سلام للضغوط، وهو يدرك ان أي تنازل من شانه ان يكر سبحة تنازلات تعزز مناعة "دويلات الطوائف بأعلام". ويدرك أيضا ان اختيار وزراء من قماشة صلابته لإدارة المؤسسات، لا يعني السيطرة عليها بعد عقود من الاهتراء الطائفي والحزبي والمناطقي الذي ينخر مفاصلها!

لبنان اليوم في حالة مواجهة حقيقية بين تسونامي التغيير نحو وطن جامع، وبين مصدات دويلات الطوائف بأعلام. وكما قام ممثلو المجتمع المدني في الندوة البرلمانية بدور رائد في تهيئة حالة التغيير فإنهم مطالبون الان باستغلال فسحة الامل وبمضاعفة جهودهم لتهيئة الأرضية الوطنية المناسبة لاطلاق تسونامي اخر في صناديق الاقتراع العام المقبل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف