تواجه بلادنا حربا مستمرة من دعاة الفساد المالي والإداري ومهربي المخدرات بأنواعها، لكن أجهزة الدولة المختصة تطور آلياتها وأساليبها، وتحقق نجاحات مشهودة في هذه الحرب، ولله الحمد. ويقوي هذه الجهود وعي ومساندة من المواطن الذي هو بحق رجل الأمن الأول، ويخطئ كثيرا من يظن أن مسؤولية مكافحة الفساد والمخدرات من واجبات الجهاز الحكومي منفردا، وذلك لسبب معروف وهو أن الفساد والمخدرات موجهان في المقام الأول إلى المواطن، ففي حالة الفساد المالي والإداري تتعطل الخدمات والمشاريع، وفي حالة المخدرات وانتشارها يضرب المجتمع في مقتل، لأن عماد هذا المجتمع، وهم شبابه وشاباته، قد أصيب بآفة خطيرة تقضي على مستقبلهم ومستقبل بلادهم. وبعد هذه المقدمة المتشائمة دعونا نفتح باب الأمل مع نتائج جهود متفانية ومخلصة كي نطمئن على مستقبلنا في حرب هاتين الآفتين اللتين لا يقل خطرهما عن جائحة كورونا التي عانيناها طيلة الفترة الماضية. ولنبدأ بنتائج مختصرة لمكافحة الفساد، حيث أصبحت بلادنا تفاخر بجهودها المبذولة في مكافحة هذه الآفة التي يشكو منها معظم دول العالم، ويكفي أن بعض مواطني الدول التي تعانيها يضربون مثلا بما حققته السعودية في هذا المجال. وأعلنت بلادنا عام 2007 الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي اكتملت بموافقة مجلس الوزراء، على تنظيم هيئة مكافحة الفساد عام 2011، واتخذت كثيرا من الإجراءات الوقائية والعلاجية، وتم توفير قنوات التواصل مع الجمهور للإبلاغ عن قضايا الفساد، وخصص لذلك خط ساخن على مدار الساعة، وتتم حماية هويات المتصلين لسلامتهم الشخصية. الجهود السعودية لمكافحة الفساد لم تقتصر على الداخل، بل عقدت في ظل رئاستها لدول مجموعة العشرين عام 2020 الاجتماع الوزاري الأول من نوعه للوزراء المعنيين بمكافحة الفساد في دول المجموعة، ولعل أبرز مخرجات رئاسة السعودية لمجموعة العشرين مبادرة الرياض لتعزيز التعاون الدولي في مجال إنفاذ القانون للجهات المعنية بمكافحة الفساد التي أسهمت المملكة في دعمها بمبلغ عشرة ملايين دولار تخصص لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لكونه المظلة الراعية للمبادرة.
وأخيرا: تحدثنا عن مكافحة الفساد وهناك جهود مماثلة في الحرب ضد المخدرات التي يلاحظ تسلط قوى الشر في بعض الدول العربية - مع الأسف - على استهدافنا بتهريب هذه المخدرات بأنواعها وأساليب مبتكرة في التهريب، لكن يقظة رجال الأمن والتقنيات الحديثة المستعملة تقفان بالمرصاد لهذه الأساليب. وما دمنا قد ذكرنا هذه الحرب المستمرة، فلا بد من الشكر والدعاء للعاملين في وزارة الداخلية، وهيئة مكافحة الفساد، وكذلك المديرية العامة لمكافحة المخدرات، واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أيضا. وحري بنا في شهر رمضان المبارك أن ندعو لهم، كما ندعو للمرابطين على الحدود، لمكافحة الأعداء لأنهم يقومون بالمهمة نفسها.
الفساد والمخدرات .. حرب مستمرة
مواضيع ذات صلة