واشنطن: اعتبرت مسؤولة رفيعة المستوى في صندوق النقد الدولي أن تخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية سيكون تأثيره على الأرجح محدودا على النظام المالي العالمي.
فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات قاسية على روسيا ردا على غزوها أوكرانيا، لكن موسكو سددت بعض الدفعات حتى الآن.
لكن المخاوف تبقى ماثلة حول قدرة روسيا على مواصلة تسديد خدمة ديونها، خاصة بعد انتهاء مهلة العفو الأميركي الذي يسمح لها القيام بتحويلات في 25 أيار/مايو.
وقالت غيتا غوبيناث النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد "إذا كان هناك عجز عن السداد، أعتقد أن التأثير المباشر على بقية العالم سيكون محدودا للغاية، لأن الأرقام التي أمامنا صغيرة نسبيا من منظور عالمي".
لا خطر
وأضافت لمجلة فورين بوليسي "هذا لا يشكل خطرا يهدد النظام الاقتصادي العالمي".
قطعت العقوبات علاقات روسيا بالنظام المالي العالمي، اذ حظرت معظم التعاملات باستثناء مدفوعات الديون وشراء النفط.
كما جمدت الإجراءات العقابية 300 مليار دولار من احتياطات روسيا بالعملة الأجنبية في الخارج.
تجنبت موسكو الأسبوع الماضي التخلف عن السداد بعد اتمام دفعة فوائد بقيمة 117 مليون دولار على سندات بالدولار، حيث حولت أموالا من خلال مصرفي "جي بي مورغان" و"سيتي غروب" اللذين أكدا مع وزارة الخزانة الأميركية أن هذه التحويلات مسموح بها.
وكانت موسكو قد أشارت في البداية إلى أنها ستسدد مدفوعاتها بالروبل، وهو ما ذكرت بعض وكالات تصنيف الديون إنه يعتبر تخلفا عن السداد، مع أنه يُسمح بدفع بعض الالتزامات بالعملة المحلية.
وقالت غوبيناث إن التخلف عن السداد ستكون له تداعيات خطيرة على روسيا، لأن إعادة الدخول إلى سوق الائتمان "ليست بهذه السهولة".
وآخر مرة تخلفت فيها روسيا عن سداد ديونها بالعملة الأجنبية كانت عام 1918، عندما رفض زعيم الثورة البولشيفية فلاديمير لينين الاعتراف بالالتزامات المترتبة على نظام القيصر المخلوع.
كما تخلفت الحكومة الروسية عن سداد ديون محلية بالروبل عام 1998 وسط الأزمة المالية العالمية، وفي أعقاب هذه الأزمة جمعت روسيا نحو 600 مليار دولار من عائدات بيع الغاز والنفط.
واستبعدت غوبيناث فكرة أن تؤدي تداعيات العقوبات الى تقويض مكانة الدولار الأميركي باعتباره العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم، لكنها قالت إنها يمكن أن تسهم في "تجزئة" أنظمة المدفوعات لا سيما في مجال الطاقة، وخاصة إذا استمرت الحرب لفترة طويلة.
وأضافت "في الحقيقة ما ندركه أن تجارة الطاقة لن تكون كما كانت عليه في السابق بعد هذه الحرب".
لكن مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني اعتبرت الثلاثاء أن خطر التخلف عن السداد لا يزال قائما.
وقالت في تقرير "إن مخاطر التخلف عن السداد في روسيا واحتمال تعرض المستثمرين لخسائر لا يزال مرتفعا للغاية بالنظر إلى التراجع الملحوظ الذي شهدناه في قدرة الحكومة واستعدادها للوفاء بالتزامات ديونها في الأسابيع الأخيرة".
وأشار التقرير إلى أن موسكو لديها مدفوعات بقيمة 100 مليون دولار تستحق في 27 أيار/مايو، بعد انتهاء مهلة الإعفاء على مثل هذه التعاملات.
وأضاف التقرير "بعد ذلك التاريخ، سيتوجب على المقيمين في الولايات المتحدة طلب ترخيص محدد لمواصلة تلقي مدفوعات الديون، ما من شأنه أن يضعف اكثر قدرة المستثمرين على تلقي مدفوعات الديون السيادية".
وخفضت وكالة "موديز" في أوائل آذار/مارس تصنيف ديون روسيا من "بي 3" الى "سي آيه"، مع نظرة مستقبلية سلبية.
بدورها خفضت "ستاندرد آند بورز" تصنيف روسيا من "سي سي" الى "سي سي سي"، قائلة إن ديون البلاد لا تزال "عرضة بشدة لعدم السداد".