واشنطن: لم تحجب السلطات الروسية بعد تطبيقيْ واتساب وتلغرام مثلما فعلت حيال تطبيقات أجنبية أخرى، لكن يحذر خبراء من أن موسكو قد تستهدفهما فجأة.
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، حُجب فيسبوك وانستغرام وتويتر في روسيا، فيما علّق تطبيق تيك توك بنفسه إمكانية تحميل محتوى جديد عليه من جانب مستخدمين في روسيا.
وحصل الحظر تطبيقًا لقانونيْن ينظّمان تدفّق الأخبار المنشورة حول الحرب في أوكرانيا وحول العقوبات المفروضة على روسيا. واعتمد البرلمان الروسي هذين القانونين وصادق عليهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مطلع آذار/مارس.
"تشويه سمعة" القوات المسلّحة
وبات نشر أخبار تهدف إلى "تشويه سمعة" القوات المسلّحة الروسية يُعاقب بالسجن 15 عامًا. ووفق القانونيْن، تؤدّي "الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا" إلى ملاحقة أصحابها.
ويرى الباحث في جامعة "برينستون" سيرغي سانوفيتش أن "من غير المحتمل أن تحجب روسيا تلغرام، لأن البلاد ينقصها منصات يمكنها" بثّ معلومات من خلالها.
ويشكل تطبيق تلغرام للمراسلة، الذي يُنتقد بسبب تراخي سياسيته لمراقبة المحتوى الذي يُنشر عليه، رغم تأكيد الشركة المشغّلة للتطبيق أنها تكرّس مئات الموظفين لذلك، إحدى القنوات النادرة والأساسية للخطابات المؤيّدة لروسيا والمحجوبة عادةً على شبكات تواصل اجتماعي غربية أخرى.
ولفت التطبيق إلى أنه يُسجّل يوميًا، منذ ثلاثة أسابيع أي منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، نحو 2,5 مليون تحميل رسالة عليه.
وكانت الحكومة الروسية قد حاولت عام 2018، حظر التطبيق بعدما رفض المسؤولون فيه مشاركة موسكو بيانات بعض المستخدمين، لكنها لم تنجح في ذلك.
ويقول اينريكي دانس، الأستاذ المتخصص في أنظمة المعلومات في كلية إدارة الأعمال في جامعة "آي إي" في مدريد، إن "حجب تلغرام صعب جدًا".
لكن الخبراء يحذّرون من أن في حال خضوع تلغرام، فسيكون بإمكان الحكومة الاستيلاء على بيانات جزء من المحادثات بين مستخدمي التطبيق الذين لم يفعّلوا خاصية التشفير.
تحسين النظام الأمني
أمّا تطبيق واتساب، فتمكّن من "حماية منصّته من المخاطر القانونية واحتمال حصول طلبات ولوج إلى محتوياته" من خلال "تحسين نظامه الأمني واعتماده التشفير" الكامل، بحسب ألب توكر، مؤسس ومدير موقع "نيتبلوكس" الذي يراقب الأمن السيبراني والحوكمة الرقمية.
وتعتبر مديرة قسم الأمن السيبراني لمنظمة "ايليكترونيك فرونتيير فاونديشن" ايفا غالبيرينغ أن الهيئة الروسية الناظمة لوسائل الإعلام "روسكومنادزور تخوّفت خصوصًا من القنوات والأخبار وسبل بثّها لعدد كبير من الناس"، وهو أمر لا ينطبق كثيرًا "على واتساب"، نظرًا لطبيعة خدماته المحصورة بالمراسلة.
لذا يبدو تطبيق واتساب محميًا أكثر من غيره من السلطات الروسية، لكن قد يتغيّر هذا الوضع في حال استُخدم كثيرًا من جانب المعارضين وحركات الاحتجاج.
إلا أن ألب توكر يشير إلى أن "كلّما اختفت شبكات تواصل اجتماعي كلّما تغيّرت الدينامية، على أن تصبح تطبيقات المراسلة هي الهدف التالي".
ويُعتبر تطبيق واتساب من التطبيقات الأكثر شهرة في روسيا بحيث كان أكثر من 67 مليون شخص يستخدمونه بحلول نهاية العام 2021، بحسب شركة "انسايدر انتاليجينس"، أي أكثر شهرة من تلغرام (28 مليون مستخدم) أو حتى "في كونتاكت" (63 مليون مستخدم) وهو شبكة اجتماعية روسية رائجة.
لكن قبل حظر واتساب أو تلغرام، قد يُحظر تطبيق يوتيوب في روسيا حيث اتهمته هيئة "روسكومنادزور" الجمعة بأنه "معادٍ للروس".
ويقول سيرغي سانوفيتش "يصعب عليهم التحكم بيوتيوب من ناحية الرقابة"، مضيفًا أن "قرارات" المنصّة "مؤخرًا" القاضية بتعليق عمل القنوات الروسية التابعة لوسائل إعلام مقرّبة من الحكومة الروسية، "خفّضت من قيمتها كأداة للدعاية السياسية".
ويلفت ألب توكر إلى أن "إعلان الحرب على يوتيوب يعني مهاجمة مجموعة (ألفابت - الشركة الأمّ لمحرّك غوغل أيضًا) بكاملها"، إلّا أن "غوغل هو محرّك اقتصادي أساسي وصلة اتصال مهمّة بالعالم الخارجي".