: آخر تحديث

لعبة الشرع الأخطر مع حزب الله بعد الخذلان التركي

2
1
1

نُقل عن لسان الرئيس السوري، أحمد الشرع، قوله أثناء استقباله وفداً شيعياً سورياً زاره في قصره: "أنا أحترم السيد حسن نصر الله، كان صادقاً مع قضية فلسطين، واستشهد دفاعاً عنها، ولكنني أختلف معه في أنه تدخل في الشأن السوري".

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه الرئاسة السورية أي بيان ينفي الكلام الإيجابي المنقول عن الرئيس بحق أمين عام حزب الله الراحل، ردَّ الحزب التحية للشرع ببيان استنكر من خلاله القصف الإسرائيلي على سوريا، والذي استهدف أولاً محيط قصر الشرع.

الحزب ندّد في بيانه بما وصفه "بالعدوان الصهيوني الغادر الذي استهدف سوريا، في اعتداءٍ سافر على أراضيها، متلطياً ‏خلف ذرائع وشعارات واهية لتنفيذ مشاريعه التوسعية والتفتيتية، والتي تهدف إلى تفكيك سوريا ‏وتقسيمها وزرع الفتن بين أبنائها"، معتبراً "أنَّ هذا العدوان الصهيوني هو محاولة واضحة لتقويض استقرار الدولة السورية وإضعاف قدراتها، ‏وهو يأتي في نفس سياق اعتداءاته المستمرة على لبنان وقطاع غزة"، ومشدداً، على ضرورة "الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا كدولة مستقلة".

ولاقى حزب الله الرئيس السوري بدعوته "المجتمع ‏الدولي، وخاصةً الدول العربية، إلى التحرك العاجل لوقف هذا العدوان ضد دول المنطقة واستقرارها ‏وسيادتها وأمنها".

إقرأ أيضاً: أسرار انفجار الصراع بين الهجري والشرع

ولأن لا عداوة دائمة في السياسة، ومع تغليب الشرع وحزب الله للبراغماتية في الأداء والتعاطي لتقطيع مراحل حرجة، فمن غير المستبعد أن يحصل تواصل مباشر بين الحزب والسلطات السورية الجديدة في وقت قريب، بعكس ما يعتقد كثيرون، في ظل وجود لاعبين قد يمتلكون عصاً سحرية بظروف معينة من شأنها فتح كوة في الجدار المبني بين الطرفين اللذين تقاتلا طوال 13 عاماً على الأراضي السورية واللبنانية على حد سواء.

الشرع الذي يريد حكم سوريا، وحاول ولا يزال تطمين إسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر، قد يصل في نهاية المطاف إلى قناعة تفيد بعدم جدوى كل ما فعله لنيل ثقة تل أبيب، رغم كل الوعود المقدّمة، ولو كانت تنطلق من التنازل عن الجولان، ولذلك فإنَّ إسرائيل لن تألوَ جهداً في سعيها إلى إضعاف نظامه وتأمين منطقة تتمكن من خلالها في السنوات القادمة من تجنب شرّ حدث مشابه للسابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وبظل التصلب الإسرائيلي والرفض المطلق لفكرة تحوّل الشرع من زعيم جهادي متطرف إلى رئيس سوري معتدل، سيجد قائد دمشق الجديد نفسه في المواجهة وظهره للحائط، وأن ما يمتلكه حالياً من أوراق سياسية محدودة بظل ضعف دور سوري في الإقليم، غير كافٍ على الإطلاق لإدارة اللعبة مع إسرائيل.

إقرأ أيضاً: الدروز "موفقون" بالشيخ موفق

ومن هنا قد يبدأ البحث في ملفات النظام السوري السابق لاستخراج أوراق للعب مع الجيران، وتحقيق ستاتيكو معين يحمي به نظامه عبر ردع إسرائيل، وما هو أفضل من تجديد الشعارات كإعادة دمشق إلى موقعها كقلب العروبة النابض، وتحرير فلسطين واحتضان حركات المقاومة.

الضربات الإسرائيلية التي استهدفت محيط قصر الشرع، ومواقع عسكرية في محافظات درعا، ودمشق، وريف دمشق، وحماة، واللاذقية، جعلت الحكومة السورية تشعر بالخذلان من الدور التركي، بعدما شاهدت أنَّ أنقرة، ورغم كل محاولات تبنّي الحكم الجديد، لم تتمكن من رسم خطوط حمراء أمام الإسرائيليين، رغم اللقاءات السابقة بين الطرفين، ولم ولن تبادر إلى الاشتباك جوياً مع المقاتلات الحربية القادمة من تل أبيب كرمى لعيون الشرع أو أي أحد آخر، ما دام الأمر لا يتعلق بالأمن القومي التركي.

وفق هذه الظروف، قد يبادر الشرع إلى فتح العلاقة مع حزب الله رغم الماضي الدموي بينهما، وللتذكير فإنَّ النظام السوري السابق في زمن حافظ الأسد، وقبل أن يشرع الحدود أمام الحزب لتعزيز ترسانته العسكرية في تسعينيات القرن الماضي، كان قد خاض معارك مع حزب الله في عدة مناطق أبرزها ما يُعرف في ثكنة فتح الله في بيروت.

إقرأ أيضاً: اسألوا السلطة الفلسطينية عن دروز إسرائيل

ولأنَّ نظام الأسد فكرة، والفكرة لا تموت، فقد يلجأ الشرع إلى حزب الله لتخفيف الضغط الإسرائيلي عبر التواصل المباشر أولاً، ثم غض الطرف في أسوأ الأحوال عن خط إمداد الحزب بالأسلحة عبر الأراضي السورية لخلق وضع جديد، وهناك أطراف بمقدورها لعب دور وتستفيد من هذا التقارب، وعلى رأسها حركة حماس المقربة من قطر وتركيا على حد سواء، وعندما ساءت علاقة الحركة بنظام بشار الأسد بسبب انخراطها بالحرب ضده، تدخل الحزب لتقريب وجهات النظر وأقنع الأسد باستقبال وفد الحركة، وقد يدور الزمان ويكون بمقدور حماس ردّ التحية والجميل للحزب بأحسن منها، وساعتها يمكن طي صفحة اعتبار أنَّ التكفيريين أخطر من الصهاينة، ومحو صورة توزيع البقلاوة في مناطق هيئة تحرير الشام بمناسبة تمكن إسرائيل من اغتيال أمين عام الحزب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.