: آخر تحديث
بلد "اضطهدهم في الماضي واستخدم كل الوسائل لقتلهم"

ناجون أوكرانيون من المحرقة النازية يجدون ملاذاً آمناً في ألمانيا

57
55
57

برلين: هرب بوريس شيفرين عندما كان طفلاً مع أفراد آخرين من عائلته اليهودية من النازيين. بعد أكثر من ثمانية عقود، أُجبر الناجي الأوكراني من الهولوكوست على ترك منزله مجدداً لكنه هذه المرة وجد ملاذًا آمناً في ألمانيا.

وشيفرين هو من واحد من اليهود الأوكرانيين الذين عاشوا الإرهاب النازي، وفروا الآن إلى البلد الذي أطلق منه الرايخ الثالث بقيادة أدولف هتلر حملته في محاولة للقضاء على اليهود.

لم يكن يرغب في مغادرة ماريوبول حيث عاش لعقود، لكن الهجوم الروسي على هذه المدينة الساحلية الأوكرانية جعل البقاء فيها مستحيلاً.

وقال شيفرين البالغ 81 عاماً لوكالة فرانس برس في دار للرعاية في فرانكفورت إنه بسبب القصف الروسي المتواصل "لم يكن هناك غاز ولا كهرباء ولا مياه". وتحدث هذا الأرمل الذي فقد الاتصال بابنه الوحيد عن جثث قتلى متناثرة في الشوارع.

وأضاف "كان هناك الكثير منها (...) لم ينتشلها أحد. اعتاد الناس على ذلك -- لم يعودوا ينتبهون" لوجودها.

وأوضح أن الناس كانوا منشغلين في العثور على طعام والحصول على المياه التي توفرها سيارة إطفاء تقوم بزيارات منتظمة للحي الذي كان يسكن فيه.

وتضررت شقة شيفرين أثناء القتال في ماريوبول التي بفضل دفاعها المستميت أصبحت رمزا للمقاومة الأوكرانية، وأمضى الكثير من الوقت في ملجأ أسفل المبنى الذي يسكن فيه.

رحلة شيفرين

غادر الرجل المسن ماريوبول في نهاية المطاف بمساعدة حاخام ساعد السكان اليهود المحليين على الخروج من المدينة.

وقد أُجلي إلى شبه جزيرة القرم، ومن هناك سافر في رحلة برية طويلة عبر روسيا وبيلاروس ووصل في النهاية إلى العاصمة البولندية وارسو.

بعد أسابيع قليلة في بولندا، عثر على مكان له في دار رعاية في فرانكفورت. في تموز/يوليو، نقل إلى ألمانيا بسيارة إسعاف، بمساعدة "كليمز كونفرنس"، وهي منظمة يهودية تساعد في إجلاء الناجين الأوكرانيين من الهولوكوست.

ما زال شيفرين الذي يسير متّكئاً على عصا، يحاول التعامل مع زوبعة الأحداث التي أوصلته بشكل غير متوقع إلى ألمانيا.

وقال إن اندلاع الحرب كان "مفاجأة كبرى".

وأوضح شيفرين الذي أدى الخدمة العسكرية في الاتحاد السوفياتي وعمل كمهندس تقني مع الجيش "كنت أحب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين كثيرا". واضاف "الآن لا أعرف ما إذا كان بوتين محقا في أن يكون في حرب مع أوكرانيا، لكن بطريقة ما، بسبب هذه الحرب، أصبحت مشردا".

وولد شيفرين في 1941 في غوميل ببيلاروس. وعندما كان يبلغ ثلاثة أشهر فقط، فرّت عائلته إلى طاجيكستان هربا من القوات الألمانية النازية التي كانت تحتل المنطقة.

وبعد انتهاء الحرب، عادت عائلته إلى بيلاروس وأكمل شيفرين دراسته والتحق بالجيش واستقر في أوكرانيا التي كانت وقتها جزءا من الاتحاد السوفياتي في منتصف سبعينات القرن العشرين.

رداً على سؤال عن اضطراره للفرار من الحرب للمرة الثانية في حياته، مؤكداً أن "الأمر ليس بيدي".

لكن أكبر مخاوفه أكثر عملية مثل طريقة الوصول إلى أمواله في الوطن. وقال "لا يمكنني حتى استلام معاش تقاعدي العسكري".

وانتقل شيفرين إلى دار رعاية جديدة تديرها الجالية اليهودية وتضم عدداً أكبر من الناطقين باللغة الروسية، مثله.

منظمة "كليمز كونفرنس"

وبالإضافة إلى مساعدته في المرحلة الأخيرة من رحلته، قدمت منظمة "كليمز كونفرنس" لشيفرين مساعدة مالية.

وأجلت المنظمة أكثر من تسعين ناجيًا أوكرانياً من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية إلى ألمانيا منذ اندلاع الحرب، علما أن عملها المعتاد يتمثل في ضمان حصول الناجين على تعويض ودعم مستمر.

وكانت هذه المنظمة تساعد منذ فترة طويلة في إدارة برامج رعاية لضحايا الهولوكوست في أوكرانيا.

وقال روديغر ماهلو ممثل "كليمز كونفرنس" (مؤتمر المطالبات) في ألمانيا، إنه مع اشتداد الصراع، أصبح من الواضح أنه لم يعد من الممكن استمرار برامج الرعاية هذه، خصوصاً في الشرق.

وأوضح لوكالة فرانس برس "لأن العديد من الناجين كانوا بحاجة إلى رعاية كبيرة ولم يكونوا ليتمكنوا من البقاء بدون هذه المساعدة، كان علينا أن نبذل قصارى جهدنا لإجلائهم".

وواجهت عملية إخراجهم تحديات لوجستية ضخمة، من العثور على سيارات إسعاف في أوكرانيا إلى تحديد مواقع الرعاية المناسبة.

وبالنسبة إلى العديد من الناجين من محرقة اليهود، قد يواجهون صعوبة في فهم تمكنهم من الحصول على ملاذ في ألمانيا، وفق ماهلو، موضحاً أنهم يفرون إلى بلد "اضطهدهم في الماضي واستخدم كل الوسائل لقتلهم".

وأضاف أنهم "بالتأكيد مصدومون".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار