: آخر تحديث

الإنسان.. ملامح قوامها الألم

22
24
13

ظل المواطن العربي حابساً أنفاسه على الرغم من تسلط المسؤول الذي لم ينفكّ عن إذاقته شتى أنواع العذاب والممارسات القمعية، ولم يقف عند ذلك بل وصل به لحال إلى أن "داسَ"، وبكل تفاخر على رأسه بالحذاء، ولم تقم له قائمة لسنوات مُبعدة من حُكمه وتجبّره، وارتهن ذاته طاعةً له، وخضع لكل ما يُؤمر به، وانتزع منه بالإكراه ما سبق أن عُرف عنه من مفرحات الحياة التي بالكاد صار يعرفها البعض من ميسوري الحال!.

هذا هو حال المواطن الذي ولد حراً فأدماه المسؤول وأوقف تقدمه، وحجز حريته، وأرداه قتيلاً بعد أن نكّل به وأذاقه مرارة العيش، ما يعني أنّه عاش حياةً متعثرةً قوامها الحرمان والخنوع والقهر والذل قبل أن يَلقى مصيره العبثي بطلقة نارية مباغتة، أو حزّ عنقه بحد السيف، أو بإلقاء البراميل المتفجّرة للنيل منه.

كثيرة جداً أنواع الإجرام التي مورست بحقه، وأودع في غرف مظلمة بالقضاء عليه وزهق روحه.. وهذا مصير الكثيرين من مثال ذاك المواطن الذي نال ما نال من أنواع الفقر والحرمان وألوان من الموت!

إنّها مجرد ملامح باهتة لحياة قوامها الألم، والأوجاع والخوف من المجهول، ولم يكتف القائد الهُمام بتلك "الخوازيق"، التي نالت من كرامة المواطن البسيط الذي كل ما يهمه العيش على الفاقة ويفرح بذلك، بل شنَّ حربه الضروس وهجومه الشرس على شعبه، بالعمل على إبادته عن بكرة أبيه بذرائع لا تمس للإنسانية بصلة، وتطهيره بعد أن أذلّه وأشبعه ضرباً وبؤساً وشرّاً مستطيراً، وتمنّى ذاك المواطن البسيط الذي عاش مراحل حياته بسخطٍ حقيقي، أن يكون مخلوقاً آخر، خيرُ ألف مرّة من أن يكون إنساناً مهيناً جريحاً مهمّشاً، مصاغاً كلعبة يَعبثُ بها المسؤول الهُمام ويرمي بها متى يشاء.

إنَّ إنسانية ذاك المواطن التي حرمته، وللأسف من حريته، وعاش حياة مروّعة ألزمته باختلاق أفعال مشينة ظلت بعيدة كل البعد عن إيمانه بها، أو حتى اقتناعه بأدنى درجاتها ما جعلته يتسربل بألوان الطيف المختلفة، يُناشد حريته ويرجو إطلاق سراحه مما أصابه من هوان وتشرّد وضياع، وهذا حاله اليوم.

ماذا يفعل ذلك الإنسان الذي فضل الموت على الحياة في ظل ظروف اقتصادي صعبة، وواقع معيشي مؤلم؟ إنّه يموت قهراً وخنقاً، وهذا ما أوصل بالمواطن إلى أبشع صور الحرمان والقهر، والتفكّك الأسري، وتحمّل الإهانات في صور عديدة، وهذا كله لم يحول دون أن يقول ما يريد، وتحمّل كل ذلك في ظل حكومات مستأسدة حاقدة، لا تحمل للمواطن إلا بذور الحقد والإهانة، وإلصاق التهم به، وبدون أي سبب أو وازع من ضمير، بهدف ابتزازه والتخلص منه، ودكّه في السجون، وهذا ما تصوغه صور كثيرة، ناهيك على أنه، ورغم ذلك لم يشتك، بل تحمّل كل ألوان الإهانات، ويقتصر دوره بالتصفيق لهذه الحكومات التي زرعت في داخله الخوف، فضلاً عن أنها كرّست الفقر، ورغم ذلك لم يخلص المواطن العربي من معاملتها ووحشيتها القاسية، بل استمر في تصفيقه لها، وبكل رغبة تحت ضغوطات مختلفة واكتفى  بالتالي بأن يتفرج عليها، ويتغزل بها تلافياً من الإيقاع به وإيذائه، وزجّه في المعتقلات والاختفاء القسري، فضلاً عن خشية النساء المفرج عنهنّ من الإدلاء بشهاداتهنّ حول ما تعرّضن إليه في السجون، خوفاً من تكرار اعتقالهن. هذا حال الكثير وما زالوا يشكون!. 
                   


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.