فيلم (معالي الوزير) من إنتاج الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي في كانون الأول (ديسمبر) عام 2002، من تأليف وحيد حامد وإخراج سمير يوسف وبطولة الفنان المصري الكبير المرحوم أحمد زكي، حيث يلعب دور الوزير رأفت رستم الذي تم اختياره بالصدفة لتشابه اسمه مع شخص آخر، ولضيق الوقت يتعذر استدعاء الوزير الحقيقي، فكان لافتًا في بداية الفيلم وأحمد زكي يغادر بعد أداء القَسَم يردد بينه وبين نفسه قَسَمًا آخر وهو: (أقسم بالله العظيم أن أحترم هذه الصدفة والغلطة التي جعلتني وزيرًا وأن أُحسن استغلالها)، وبعيدًا عن تفاصيل الفيلم والكوابيس التي كان يراها الوزير في كل مرة يخلد فيها إلى النوم، فقد وجد في المنصب ما يجعله ينمّي ثروته ويفتح الباب على مصراعيه لعمليات النهب والاعتداء على المال العام. هذه الجزئية جعلتني أسبح في الخيال وأتصور يوميات شركة أو قطاع يتولى رئاسة مجلس إدارته من هم على شاكلة الوزير رأفت رستم، حيث القيادات بطبيعة الحال سيكونون كالمثل الشهير: (الطيور على أشكالها تقع)، وكأني بهم عندما يجتمعون بعد وقت الدوام الرسمي وهم يتناولون حليب السباع، حيث تهبط على الرئيس مع توالي دورات الكؤوس روح الفكاهة والكوميديا العالية، ويتحدث في كل شيء، وبعد انتهائه يؤكد لأصدقائه – الذين أصبحوا الآن زملاءه – بأنه أوصى إذا توفي أن يُدفن بالطول وليس بالعرض، ليضج المكان بالضحكات الصاخبة، بعد ذلك يلفت انتباهه أحد مساعديه بأنه وجد ضالته فيمن يتولى قيادة مشروع القطاع الكبير الذي يجري العمل فيه على قدم وساق، ليُنصت الجميع له وهو يُقدّم لهم مدير المشروع، والتي لم تكن سوى زبيدة! ليقاطعه صوت أحد الحضور: زبيدة ما غيرها؟! فيجيب: نعم زبيدة ما غيرها، كفاءة واعدة تمتلك مؤخرة ممتلئة، حيوية ورغبة في العطاء بلا حدود، على حد رأي الزعيم عادل إمام في فيلم (مرجان أحمد مرجان) بأن السِت تتعرف من خلفيتها الحضارية!
لا شك أنَّ تولي غير الأكفاء مسؤوليات جِسام في أي شركة أو قطاع متوقع له الفشل الذريع تمامًا كما فعل رأفت رستم، فيتحول التوجه من تعظيم إيرادات الشركة وتحقيق مستهدفاتها السنوية ونصف السنوية وربع السنوية إلى التوجه نحو تعظيم جيوب قيادات الشركة وحساباتهم المصرفية في كافة أرجاء المعمورة وتحقيق مستهدفاتهم الشخصية ومنح القليل من المجهود لمستهدفات الشركة لتكون أشبه بإبر التخدير لمُلّاكها والإيحاء بأن جميع العاملين في القطاع لا يألون جهدًا في سبيل رفعة الشركة وتعزيز مكانها ماديًا وسط المنافسين، وغني عن القول بأن هذه الحجة ستكون باطلة في يوم من الأيام، ولكن ربما بعد فوات الأوان، كلي أمل بأن لا نشاهد أمثال رأفت رستم سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.