: آخر تحديث

معركة الرئاسة في العراق

3
1
1

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة، تطرح مسألة منصب رئاسة الجمهورية نفسها بقوة في المحادثات الجانبية التي تشهدها الساحة السياسية مؤخراً في إقليم كردستان. فهناك محاولات مبكرة من عدة أطراف للتباحث بشأن الترشح لهذا المنصب، ومن أهمها تحركات الرئيس السابق الدكتور برهم صالح، الذي نشط في الآونة الأخيرة بصورة غير مسبوقة من خلال تواجده على الساحة واتصالاته المتعددة بالأطراف الرئيسية بكردستان، فلم يستثن أحداً من زعامات وقيادات كردستان إلا وزاره بهدف دعم ترشيحه مرة ثانية للمنصب. فكل الدلائل تشير إلى سعي محموم من قبله للاستحواذ على المنصب على الرغم من صعوبة تحقيق هذه الأمنية لعدة أسباب سنجملها في هذا المقال.

كان برهم أحد نواب الزعيم الراحل مام جلال منذ المؤتمر الثالث للاتحاد الوطني الكردستاني، وكان يؤمل أن يتولى قيادة حزبه بعد انتخاب مام جلال لرئاسة الجمهورية في العراق، وأن ينوب عنه في قيادة الحزب بكردستان، ولكنه فشل في تحقيق هذا الأمر بعد مرض زعيمه لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا، فانزوى بنفسه لفترة بمقره في المكتب السياسي محتفظاً بصفته كنائب للأمين العام. ويبدو أن الأمر لم يتوافق مع تطلعاته وطموحاته، فاتجه أخيراً إلى تأسيس منبر داخل الحزب سماه بـ(مركز القرار) في محاولة منه لتشكيل كتلة قوية تضمن له دوراً قيادياً داخل العملية السياسية بكردستان. وكانت محاولته هذه بمثابة تمرد أو انشقاق عن الحزب الأم، ولذلك فشل في استقطاب وإقناع قيادات وكوادر مهمة في الحزب لخوض هذه المغامرة، ومع ذلك أصر على خوض الانتخابات البرلمانية المحلية بقائمة منفردة تحت اسم (التحالف الوطني)، ولكنه لم يحصل سوى على مقعدين فقط مما أطاح بآماله وطموحه السياسي.

إقرأ أيضاً: طريق السلام الحقيقي في تركيا

وبعد فشل جميع محاولاته لطرح نفسه كقيادي بارز على الساحة السياسية، عاد مسرعاً في عام 2018 إلى أحضان حزبه السابق، مبدياً ندمه عن مواقفه السابقة، متنكراً للحزب الذي أسسه باسم (التحالف الوطني)، ونجح فعلاً بإرضاء قيادة الاتحاد الوطني لترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية بعد إجراء الانتخابات النيابية عام 2018، وهذا ما تحقق له رغم كل ما فعله ضد الاتحاد الوطني.

لا بد أن نذكر، أن هناك اتفاقاً استراتيجياً تم توقيعه بين الزعيم الراحل مام جلال وبين السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يقضي بمقايضة منصب رئيس الجمهورية في بغداد بمنصب رئيس الإقليم في كردستان، فحين تولى الراحل مام جلال منصب رئيس الجمهورية حصل السيد مسعود البارزاني على منصب رئيس الإقليم لمدة 12 سنة ثم أورثه لابن شقيقه نيجيرفان البارزاني، الذي مازال يحتفظ بهذا المنصب مقابل تخلي حزبه عن منصب رئيس الجمهورية.

لقد كان هذا الاتفاق الاستراتيجي يهدف إلى حفظ التوازن السياسي بين القوتين الرئيسيتين في كردستان وتقاسم السلطات بينهما. ورغم محاولات حزب البارزاني لعدة مرات بالحصول على المنصب من خلال ترشيح الدكتور فؤاد حسين مقابل برهم صالح، ثم تقديم مرشحين آخرين منهم السيد هوشيار زيباري وريبر أحمد، ولكن في المحصلة بقي المنصب بحوزة الاتحاد الوطني دون منازع.

إقرأ أيضاً: ماذا تريد تركيا من العراق؟

ومؤخراً أكد كل من السيد بافل طالباني ونائبه قباد طالباني في لقاءات تلفزيونية "بأن منصب رئيس الجمهورية غير قابل للمناقشة في المحادثات الجارية حالياً حول هيكلية حكومة الإقليم المزمع تشكيلها لاحقاً باعتباره منصباً محسوماً للاتحاد الوطني". وهذا يعني بأنه خارج ترشيح الاتحاد الوطني لا يمكن لأي مرشح أن يتبوأ هذا المنصب، فلم يعد الأمر لا بيد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يأمل برهم صالح أن يدعم ترشيحه، لأن هذا الحزب سيفقد منصب رئاسة الإقليم وفقاً للاتفاقية الاستراتيجية الموقعة مع الاتحاد الوطني، وهذا خط أحمر بالنسبة لحزب البارزاني، ولا حتى أي حزب كردي صغير آخر باستطاعته ترشيح أو دعم برهم صالح في مسعاه للعودة إلى كرسي رئاسة العراق، ولذلك فإن برهم صالح وكما يقول المصريون "ينفخ في قربة مقطوعة".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.