: آخر تحديث

إخوان أوروبا و«تجارة الدين»

2
2
2

فيصل سليمان أبومزيد

تسللت جماعة الإخوان إلى قلب أوروبا منذ عقود طويلة، وراحت ترسخ لمشروعها الخاص، عبر خطاب سياسي مغلف بالدين، فوجدت ضالتها في المراكز الإسلامية المنتشرة في أحياء المدن الأوروبية، لتحوّلها من أماكن للعبادة وبناء الجسور بين الجاليات المسلمة، إلى منصات لتجنيد الأتباع، ورسم المخططات التي تتجاوز حدود الدين والتسامح.

استغل الإخوان الفراغ الديني والثقافي في تلك المجتمعات واستفادوا من الانقسامات لنشر المعوّج من الأفكار، وحولوا مصالحهم الضيقة إلى خطط وتكتيكات، يبدأون خطابهم بالحديث عن إسلام معتدل يتناغم مع الديمقراطية الغربية، لكن مع مرور الوقت ينقلب إلى أيديولوجيا تتناقض مع الاعتدال والقيم الأساسية للتعايش الإنساني. لقد عانت المراكز الإسلامية في أوروبا وتحولت إلى منصات لبث أفكارها وخططها الاحتكارية، وأصبحت قاعدة لتصدير أيديولوجيتها وتحالفاتها الغامضة. ولم يكتفوا بالاستفادة من المراكز الإسلامية؛ بل حاولوا السطو عليها. وما حدث في المركز الثقافي الإسلامي الأيرلندي يكشف خبث نواياهم.

فالمجلس تأسس منذ أكثر من 30 سنة عبر هيئة آل مكتوم الخيرية، وكان المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، يرغب بتكريس جملة من الأهداف تتمثل بتعزيز الإسلام، والحفاظ على الهوية، وبناء جسور مع المجتمع الأيرلندي. ولكن مع مرور السنوات، بدأت تطفو على السطح محاولات السيطرة على المركز من جهات متطرفة، تسعى لتحوير رسالة الإسلام المعتدل إلى توحش عبر النفوذ الإخواني بوضوح في دبلن.

الجاليات الإسلامية رفضت تحويل دور العبادة إلى أوكار للتطرف، محكومة بسوء الإدارة وانعدام الرؤية. والتمسك بإعادة الاعتبار للمركز، والحفاظ على رسالته النبيلة خدمة الدين والمجتمع معاً لا يرضي الإخوان، ولا عواصم دعم الإرهاب. فشرعوا في اختلاق العراقيل، وافتعال المشكلات، فبادرت الإدارة الجديدة لإغلاق المركز، مؤقتاً، كإجراء وقائي، حماية للمستفيدين من أنشطته.

المراجعة الشاملة، حالياً، تستهدف تأمين أنشطته، والتدقيق الإداري، والقانوني، والمالي لتصحيح أخطاء الإدارة السابقة، وليُعاد الاعتبار إلى المركز الثقافي الإسلامي الإيرلندي بعدما حاولت المؤامرة الإخوانية تشويه أهدافه. تركّز القيادة الجديدة على ترسيخ الشفافية والمحاسبة، والتعامل مع مخصصاته كأمانة يجب إدارتها بنزاهة وشفافية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد