ما لم يعرفه من منع استيراده، أنه، كمئات المواد المستخرجة من الخنزير، يدخل في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل والأصباغ ومئات المواد الأخرى، وحتى رصاصة المسدس. وسبق أن بينّا في مقال سابق انتشار وأهمية تلك المواد، فاستخدام الكحول كبير لفائدته كمذيب أو كمادة حافظة ومساعدة فعالة، ويستخدم بتوسع في سوائل تخفيف السعال وأدوية البرد، وفيكس فورمولا، وأدوية تايلينول السائلة، وغيرها، ويصل عدد ما ينتج منها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى 200 دواء، سواء بوصفة طبية أو من دونها، وقد تصل نسبة الكحول في بعضها إلى %85، خاصة منتجات غسول الفم ومحاليل تخفيف آلام الأسنان.
ومن الأطعمة التي تحتوي على الكحول، وإن بكميات صغيرة، وغالبا نتيجة التخمير أو المعالجة، أنواع الخبز ولفائف الهوت دوغ، وخبز البرغر والجاودار، وعصائر الفواكه، مثل العنب والتفاح والبرتقال، خاصةً إذا تُرك ليتخمر أو عُرض للحرارة. كما يحتوي لبن الكفير ومخللات الملفوف، والكيمتشي، وصلصة الصويا، ومستخلص الفانيليا النقية، والخردل والخل (مثل خل النبيذ الأبيض) أيضًا على الكحول. باختصار، فإن الكحول يوجد في مجموعة واسعة من الأدوية السائلة، والعديد من الأطعمة اليومية، وخاصة تلك التي تتضمن التخمير، أو الخميرة، أو بعض مستخلصات النكهات. وسبق أن تطرقنا، في مقال أول من أمس، إلى ضرورة التساهل مع أمور أخرى، في سعي الجميع للحد من انتشار آفة المخدرات القاتلة.
نعود إلى موضوع ماء الغريب، ونقول إنه ليس بغريب ولا عجيب، وسبب التسمية نتيجة خطأ في لفظ وكتابة اسم الدواء نقلاً عن الإنكليزية، فهو Gripe water، الذي تنتجه العديد من الشركات الأوروبية والأمريكية منذ سنوات، وتُكيّف كلٌّ منها تركيبته بناءً على احتياجات أسواقها أو عملائها.
تعني كلمة Gripe التشبث بقوة بشيء ما، أو غصة، أو مغص، وصنع لتخفيف أو تهدئة «الغصة» أو التقلصات والآلام، التي قد يعاني منها الرّضّع، لكن يجب توخّي الحذر عند استخدامه مع حديثي الولادة، فهو لا يصلح للأطفال، الذين تقل أعمارهم عن شهر واحد. بالرغم من بعض آثاره الجانبية، فإن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لم تتردد في الموافقة عليه منذ سنوات طويلة، كمكمل غذائي، ولا يحتاج بالتالي إلى تنظيم ومراقبة استهلاكه، من حيث السلامة والفعالية.
أحمد الصراف