بقراءة السلوك السياسى الإيراني وتحليل أهداف السياسة الخارجية الإيرانية يأتي الحفاظ على النظام ألملالى كأولوية قصوى. وهو نظام من وجهة نظر إيران ليس قاصرا على إيران فقط بل يرتبط بإحياء الإمبراطورية الإيرانية، ومن هنا محددات السلوك الإيراني يحكمها البعد القومى الفارسى والبعد الدينى الذى يجسده نظام الحكم الملالى. وهذه المحددات هلى التي تفسر لنا هذا التوسع نحو الشرق والغرب والشمال والجنوب، وإن كانت منطقته ألأولى المنطقة العربيه.
السؤال هنا ما علاقة القوة النووية والرغبة في إمتلاك القنبلة النووية بهذه ألأهداف وألأولويات؟العلاقة من وجهة نظر إيران ان القوة النووية هي التي تحمى هذه ألأولويات وتحافظ عليها، ومن ناحية أخرى تفرض على العالم ان يعترف بإيران كقوة إقليمية بمصالح دولية، والإعتراف بمناطق النفوذ الإيرانيه، ومن ناحية ثالثة كسر الإحتكار الإسرائيلي للقوة النووية، وان إسرائيل ليست القوة النووية أو دولة القوة الوحيدة، وما لذلك من إنعكاسات على موازين القوى في المنطقة وإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، وعدم قدرة اى قوة تجاهل القوة الإيرانيه، في هذا السياق يمكن فهم موقف إيران من المفاوضات النووية التي أستؤنفت ثم توقفت. وما يؤكد على مصداقية هذه الفرضية إنتخاب الرئيس رئيسى والذى يعكس التيار المتشدد والذى هو إختيار خامنئى.
هذا التغير ليس عابرا، لكنه مقصود ويرتبط بالتمسك بالأولويات الإيرانية وعلى راسها حقها في اإمتلاك القدرات النوويه، والنقطة المهمة التي قد تكون غائبة عن الجميع أن إيران فعلا قد خطت خطوات كبيرة نحو إمتلاك القوة النووية، والدخول في النادى النووي بشكل رسمي فهى بينها وبين هذه القوة خطوة واحدة قد تكون خطوة الإعلان. ومن ناحية إيران ترى من حقها ان تملك هذه القوة النووية بحكم ان دولا مجاورة لها الهند والباكستان تعتبران دولتان نوويتان. هذا إلى جانب إسرائيل. هذه التصورات تؤكد لنا أن إيران لن تتنازل عن هذا الحق. ونعود للتساؤل ما هي المتغيرات والتطورات الجديدة التى قد تشجع إيران على المضي قدما في تحقيق هدفها؟ لعل المشهد الأفغانستانى يعمل لصلح إيران، فمن حيث المبدأ اى إنسحاب أميركى تعتبره إيران في صالحها. فهذا الانسحاب الأميركي والذى وصفه هنرى كيسنجر بكارثة أميركية طوعيه، وضع أميركا بين مطرقة أفغانستان، وبين سندان التداعيات الداخلية وزيادة الضغوطات على إدارة بايدن وإتهامها بالفشل فهذ ا الانسحاب وتداعياته اول تحد يواجه إدارة بايدن الذى أفقدها شعار العودة للقوة ألأميركية، فلم يعد ينظر لأميركا انها القوة الكونية الوحيده، ولم يعد السلام ألأميركى هو المتحكم في العالم وهذا من وجهة نظر إيران منحها مزيدا من القوة والتشدد والفرص للتمسك بموقفها التفاوضى من مفاوضات فيينا وأنها ليست متعجلة من أمرها، أميركا من إنسحبت من الاتفاق لتعد له. فالإتفاق أصلا يمنح إيران الفرصة نحو إمتلاك السلاح النووي، هذا وترى أندريا سترايكر الباحثة في الشأن النووي في معهد الدفاع عن الديموقراطيات.
هذا هو الوقت لإيران لإمتلاك السلاح النووي. ومما يزيد من هذه الفرصة إيمان القيادة في إيران ان الوضع الذى فيه إيران ليس كما كان قبل عقدين من غزو أميركا للعراق، وان إيران في وضح أقوى ويسمح لها بالمضى قدما في إمتلاك السلاح النووي، فلم تعد أميركا المتحكمة مع زيادة الدور الرؤسى والصينى، وهذا ما يفسر لنا العلاقات الإستراتيجية التي تقوم بين إيران وهاتين الدولتين ,اضف إلى ذلك أن إيران ترى في تفسها نفس الفرصة كما للهند والباكستان إلى جانب إسرائيل.
هذه التطورات والتي تزامنت مع تولى رئيس للرئاسة في إيران يدفع بنا للقول ان توجه إيران سيكون أكثر تشددا. وتبقى التساؤلات عن الخيارات ألأميركية ؟ وعن الموقف الإسرائيلي وهو المتغير الرئيس في معادلة القوة النووية الإيرانية إدراكا من إسرائيل ان إمتلاك إيران للقوة النووية يعنى بداية النهاية لها، ويوجه ضربة قوية لأمنها، وقد يكون هذا القلق أحد أهداف زيارة بينت الأخيرة لواشنطن ولقائه بالرئيس بايدن. هذا المتغير هل يكون المبرر لحرب إقليمية شاملة تحاول إيران تجنبها ألأن لأنها ستمس نظامها ومستقبلة وخصوصا مع هشاشة نظامها الداخلى والمشاكل الإقتصادية، فهل يفرض هذا المتغير بالحرب الإقليمية الشاملة على إيران ان تبدى مزيدا من الواقعية وتؤجل أحلامها بإمتلاك السلاح النووي؟