: آخر تحديث

«الزحلاوي» توم برّاك

6
4
4

يبدو أن عدوى «الفهلوة» السياسية، وثقافة «تدوير الزوايا» في السلوك السياسي اللبناني، قد أصابت المبعوث الأميركي إلى لبنان وسوريا، وسفيرها في تركيا، رجل العقارات وصديق الرئيس ترمب، نعني توم برّاك حين قال مؤخراً إنه «ليس من الضَّروري نزعُ سلاح (حزب الله) إنما الهدف هو منعه من استعماله».

هذا التصريح الجديد من السياسي الأميركي ورجل الأعمال المتحدّر من أصلٍ لبناني «زحلاوي» أحبط دعاة سيادة الدولة اللبنانية على قرار الحرب والسلم والسيطرة على العنف، أو احتكار العنف، كما هي أبرز سِمات سيادة الدولة.

هل يريد الأميركان «نزع» سلاح حزب الله، أو صرف هذا السلاح عن الاتجاه إلى إسرائيل فقط؟!

ماذا يُقصد بسلاح «حزب الله»؟ هل هو «كل» السلاح، أم فقط السلاح الثقيل والنوعي؟

امتلاك «بارودة» أو «فَرْد» أي بندقية أو مُسدّس، في لبنان يُعتبر من الثقافة الرجالية التقليدية، فالسلاح زينة الرجال، كما استشهد مرّة، موسى الصدر، بالمقولة اللبنانية الريفية.

أم أنّ كلام برّاك بـ«المشرمحي» أي بصراحة، هو أنّ المهم هو تعطيل سلاح الحزب تجاه إسرائيل، أما بين اللبنانيين ذاتهم، فـ«يصطفلوا» مع الحزب؟!

الدبلوماسية المصرية حاولت إضافة «لمستها» على القاموس السياسي اللبناني الغني بالمجازات والاستعارات، فطُرح قبل فترة، كما جاء في هذه الجريدة، الحديثُ عن مبدأ «الخمول الاستراتيجي» للتعامل مع سلاح «حزب الله» شمال نهر الليطاني بعد سحبه من جنوب النهر.

عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» الدكتور سليم الصايغ قال لصحيفة «الشرق الأوسط»: «قد تقبل إسرائيل بنزع حد معيّن من السلاح، وإنما كيف سيعيش بقية اللبنانيين مع السلاح الفردي والمتوسط الذي تم استخدامه في انقلاب القمصان السود في 7 مايو (أيار) 2007؟».

في خَضّم ذلك جدَّد أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم التمسّك بموقف حزبه لجهة رفض تسليم السلاح شمال الليطاني، عادَّاً أن اتفاق وقف النار «جنوب النهر حصراً».

هل يُعبّر توم برّاك عن انطباعاته الشخصية أم عن سياسة أميركية مرسومة بعمق؟!

حنين غدّار كبيرة الباحثين في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» شدّدت على أن «كل ما يقوله ويعلنه توم براك بخصوص الملف اللبناني، يمثل شخصه حصراً، ولا يُمثّل الموقف الرسمي للإدارة الأميركية على الإطلاق، ولا يعكس السياسة الأميركية تجاه لبنان».

المُشاهدُ والمرصود أن المبعوث ذا الأصل اللبناني الزحلاوي، يشبه رئيسه ترمب، رجلٌ مثير للتصريحات والتعليقات الفورية الانطباعية الحادّة، غير المُعتادة من السياسيين الحذرين الدارسين لوقْع كلامهم بأناة ورويّة.

هل يرجع ذلك إلى هشاشة التثقيف السياسي والفهم التاريخي لطبيعة الأزمات والمجتمعات لدى من يتولّى أمرها، أمثال برّاك هذا؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد