: آخر تحديث

التربية النبوية

3
2
2

سهوب بغدادي

فيما يسعى المربون إلى إيجاد أفضل السبل والطرائق التربوية لتنشئة أبنائهم بطريقة سليمة تجعل منهم أفرادًا أكثر فعالية ونفعًا للمجتمع، تبرز لنا المحتويات ذات الصلة بالتربية ووسائلها الحديثة والتقليدية في بحر الإنترنت وكثرة المؤلفات المعنية بالطفل وتربيته بأفضل وأنجع الطرق، ومع تعدد تلك الطرق والمسميات، نجد الخلاف والاختلاف لدى كل أسرة، وبغض النظر عن ذلك، فإن الهدف من التربية يبقى واحداً، ألا وهو الطفل السليم نفسيًا وجسديًا الذي يضحى فردًا صالحًا في المجتمع وبين أقرانه، دون علل نفسية أو أمراض جسدية وعقد وتعقيدات، إن التربية مسؤولية ثقيلة وليست بالأمر الهين أن تخرج إنسانًا جيدًا إلى المستقبل فما بالك بالإنسان المتميز؟

في هذا الصدد، أذكر لكم موقفًا عندما كنت في مكتبة بيت الثقافة الكائنة في حي التعاون بالرياض، حيث اعتدت أن أقضي فيها وقتًا طويلًا بهدف الدراسة، باعتبار أن المكان هادئ جدًا ويستجلب التركيز، وانطلاقًا من مبدأ الهدوء السائد في المكان، فإن تلقي المكالمات يكون خارج المكان أو في إحدى المناطق المنعزلة، في إحدى المرات تلقيت اتصالًا مهمًا، فكان أقرب مكان لتلقيه على عجالة هو ركن الأطفال الذي كان فارغًا لأن الوقت متأخر، انتهيت من الاتصال فدخلت أُم مع طفلتيها وكنت منشغلةً في تصفح هاتفي، في لحظة، فاجأني صوتها قائلة: ماذا نقول عندما ندخل مكاناً وهناك شخص ما؟ فتوجهت نحوي طفلتها قائلة: السلام عليكم، ثم أخذت كل طفلة كتابًا وجلستا برفقة والدتهما على الطاولة لتقرأ لهما، لقد أعجبت كثيرًا بطريقة تعامل الأم مع طفلتيها، وجزمت بعدها أن الأم ذات خلفية تربوية، فلم أتمالك نفسي وذهبت للتحدث مع الأم، بالفعل كانت الأستاذة أسماء الدوسري التي ترعرعت في قرية صغيرة ثم انتقلت بعدها إلى المنطقة الشرقية، حيث ذكرت أن والدها ووالدتها يعملان في التعليم وكان لهما الأثر الكبير والملموس في نشأتها بهذه الطريقة الواعية والراقية، ثم أكملت الأستاذة أسماء تلك المسيرة مع طفلتيها، إذ أكدت أن تربيتها ليست حديثة ولا تقع ضمن المسميات الرائجة في زماننا بل إنها تربي على نهج الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، الذي حثنا على الرحمة والتودد والتلطف مع الصغير واحترام الكبير، بالإضافة إلى التعاليم الواردة في الكتاب والسنة، فضلًا عن معطى آخر لا يقل أهمية عن أساليب التربية ألا وهو عدم انشغالها بالهاتف خلال تواجد أطفالها، من هنا، قد تكون التربية النبوية أمثل طريق نحو تخريج جيل واعٍ نفخر به ونباهي، بعد حديثي معها، تخيلت لو أن جميع الأمهات مثل أسماء في صبرها على أسئلة الطفل الماطرة، و»شقاوته» واستنزافه للوقت والجهد الكبيرين، حقًا، التربية مسؤولية ورسالة ليس بإمكان الجميع تقلُّدها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد