: آخر تحديث

الانتخابات العراقية: نحو مستقبل أفضل

0
0
0

خالد بن حمد المالك

من كان يتابع المشهد الانتخابي العراقي، لا بد أنه خرج بانطباع تمنى معه أن يكون العراق قد تعافى من نظام صدام حسين، ومن فترة احتلال أمريكا، وكذلك من فترة الارتباك المبكرة التي مر بها العراق في بداية استلام النظام العراقي الجديد للسلطة من الولايات المتحدة الأمريكية.

* *

في البداية كانت هناك تفجيرات في الأسواق، والأماكن العامة، وصلت هذه التفجيرات حتى للمستشفيات، وكانت هناك جرائم في كل مكان في أراضي العراق الشقيق، وفوضى كانت تضرب بجذورها العمق العرقي، وراح ضحيتها الكثير من المواطنين الأبرياء، قبل أن تتم قدرة الدولة بنظامها الجديد على السيطرة الأمنية، ومحاصرة القتلة والإرهاب.

* *

غير أن الأمن المستتب احتاج إلى كثير من الوقت، وإلى تدريب العناصر في الأجهزة الأمنية، وإلى محاصرة كل من أراد إفشال الاستعدادات لقيام العراق الجديد، مستغلاً الأخطاء التي صاحبت البدايات، والثغرات في القوانين التي وضعها الحاكم الأمريكي (برايمر) ليجعل العراق في حالة من عدم التوازن في إدارة الحكم في البلاد.

* *

غير أن الأخطاء، مع الوقت، ومع التجارب، والأحداث، بدأت في التلاشي، وتم الحد منها، ومعالجتها على النحو الذي لم يعد لها ذلك التأثير الكامل والكبير في مسيرة العراق، وأمنه وسلامته، وحريته في أخذ القرارات المناسبة لخدمته، وجعله في وضع أمني واستقراري يلبي طموحات مواطنيه.

* *

ومشهد الانتخابات النيابية الأخيرة، على ما فيها من اعتراضات محدودة من بعض المرشحين، ووجهات نظر من بعض الناخبين، أظهرت تماسك الوحدة الوطنية، والالتزام بقواعد حرية الرأي في التعبير عن الرأي بحرية مسؤولة، ساعدت على مرور مسيرة هذه الانتخابات بالحد الأدنى مما قد يُقال سلبياً عنها، وتالياً بما يمكن القول عنها بأنها انتخابات نيابية تعد هي الأفضل بين الجولات الانتخابية عند المقارنة مع الانتخابات في الأعوام السابقة.

* *

ومن المؤكد أن الانتخابات القادمة، سوف تكون صورتها أفضل وأجمل، بعد أن يتعوّد المواطنون على احترام التصويت بصورة أكبر، وقبول نتائجه، كقاعدة انتخابية تقدم للواجهة والمسؤولية من يحصلون على أصوات أكثر عند فرز الأصوات، وفق ما تظهره صناديق الانتخابات.

* *

ولن يكون العراق حالة استثنائية بين دول العالم في خلو انتخاباته من أي نقد لها، فكل الدول الديمقراطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تشكو من عدم النزاهة، ووجود إهمال أو تقصير أو تدخلات أثَّرت على نتائجها، سواء أكانت هذه الاتهامات صحيحة أو ادعاء ممن فشل في كسب صوت الناخبين.

* *

أكتب ما سبق من وحي ما قاله رئيس العراق من أن نجاح الانتخابات يؤكد التزام الشعب العراقي بالحل والخيار السلمي، داعياً إلى احترام نتائج الانتخايات، والعمل بوطنية لتشكيل مجلس النواب، وحكومة تعكس إرادة الشعب، وفقاً لنتائج الانتخابات البرلمانية.

* *

أكتبه في ضوء ما قاله رئيس الوزراء العراقي من أن الشعب يسجل في هذه الانتخابات خطوة أخرى نحو صيانة نظامه الدستوري مع زيادة نسبة المشاركين في التصويت إلى أكثر من 55 %، وأن إجراء الانتخابات في موعدها إنما يؤكد على نجاح التداول السلمي من خلال الانتخابات، فضلاً عن أن نهج وبناء الدولة وترسيخ الديمقراطية هو ما عبَّر عنه الناخبون.

* *

وأكتبه بعد ما قال رئيس المجلس النيابي العراقي من أن استعادة المواطن لثقته بالمشاركة الواسعة، إنما تمثِّل ذلك رسالة أمل نحو مستقبل أفضل، وتقرير المفوضية عن الانتخابات من أنها تكلَّلت بالنجاح، وأنها لم تسجَّل أية خروقات، وما أكدته وزارة الداخلية العراقية من أن الوضع الأمني كان استثنائياً خلال هذه الانتخابات.

* *

هذا المقال أتمنى فيه أن تقود هذه الانتخابات النيابية العراقية إلى ما هو أفضل للمواطن العراقي، وأن تفتح صفحة جديدة من التعاون بين التنظيمات العراقية، بما يجعل العراق في مرحلة العودة إلى دوره وقوته وأمنه واستقراره، بعد سنوات من مروره بعدم الاستقرار، والحروب التي كبلته، والقرارات التي لم تكن لصالحه.

* *

وكل ما نتمناه، أن نرى العراق، دولة ذات قوة اقتصادية، وأن يعزِّز علاقاته بالدول العربية وبجيرانه، متمتعاً بالأمن، ودون أن يكون مهدداً، أو هناك مؤامرة عليه، وتتربص به، ليكون مصدر أمان لمواطنيه وإخوانه العرب، ولكل الدول المحبة للسلام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد