: آخر تحديث

العدوان على قطر 9 سبتمبر.. التوقيت والأهداف

3
2
2

محمد الرميحي

حتى بعض الحيوانات عندما تهاجم خصومها، تقوم بإنذارها مسبقاً، إسرائيل لم تفعل ذلك، لم تفعله في السابق، ولن تفعله في المستقبل، هجومها على قطر الأسبوع الماضي، كان مفاجئاً وغير متوقع، وخارج سياق الأعراف، حتى العسكرية، لأن قطر وسيط، والوسطاء لا يهاجمون، فالوسيط عادة يكون مقبولاً من الطرفين المتخاصمين، لذلك تتوفر له حماية، ذلك لم يحدث، وهنا الضرر الأكبر.

من السذاجة لمتخذي القرار في السياسة، الركون إلى فهم أن القرارات تؤخذ على مبادئ الأخلاق، أو حتى الأعراف.. في السياسة، القرارات تؤخذ على هوى المصالح، فإذا اتفقت المصالح كان الموقف إيجابياً، وإذا اختلفت كان الموقف صراعياً.

طلبت إسرائيل من قطر في السابق أن تسهم في تمويل حماس، لم يكن ذلك حباً في حماس من قبل الإسرائيليين، ولكن كان ذلك تأكيداً للفرقة بين الأجنحة الفلسطينية، وهي سياسية إسرائيلية ثابتة، لأن الشقاق بين الفلسطينيين هدف بحد ذاته، لتقول للعالم، ليس هناك رأس يمكن التفاوض معه لدى الفلسطينيين، واستمر هذا الوضع حتى 7 أكتوبر من عام 2023، حيث تغيرت الأمور، إلى أن تصبح حماس العدو الأول للدولة الإسرائيلية. من يقرأ التاريخ ومسيرة العنف الإسرائيلي، يعرف أن زعماء حماس برسم التصفية أين وجدوا، سواء في طهران أو في غزة أو في أي مكان آخر.

الكاتب الإسرائيلي روني بيرجمان، له كتاب (انهض باكراً واقتل: التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية)، صدر في 2018، وقد اشتمل هذا الكتاب على مقابلات لـ 2000 شخصية إسرائيلية تورطت في الاغتيالات على طول وجود إسرائيل، حسب بحثي، لا توجد ترجمة عربية معتمدة للكتاب.

الاغتيال الموجه والمبرمج سياسة دولة في إسرائيل منذ تأسيسها، وتعتبرها سياسة دفاعية، وقد قامت بعدد من الاغتيالات في غزة والضفة، وفي لبنان وتونس وسوريا وباريس، وعدد من العواصم الأخرى، لمن تعتبرهم خصومها، وكلما تقدمت التكنولوجيا، تقدمت أدوات القتل، ولا يتم ذلك إلا من خلال التنسيق، مباشر أو غير مباشر، مع الولايات المتحدة، فالأخيرة، وخاصة الدولة العميقة، تتذكر أحداث الـ 11 من سبتمبر 2001، وتعتبره من نتائج أيديولوجيا سياسية متشددة عدوة لها في كل مكان، أكان أفغانستان أو غزة.. من هنا، يفهم توقيت الاعتداء، وهدفه افتراض خاطئ، أن قطر يمكن أن تفرض على حماس ما يجب أن تفعل!

قراءة قيادات حماس لتطورات المشهد الدولي المتعاطف مع القضية والمتصاعد، قراءة قاصرة، أو حتى رغبوية، فالتغيرات التي تحدث في العالم على مستوى الشعوب، وجزئياً بعض الحكومات، هي التعاطف مع الشعب الفلسطيني، بسبب الظروف المأساوية في غزة، ولكن موقفها من حماس سلبي، بل حتى إدانة كبار المسؤولين الإسرائيليين في محكمة العدل الدولية، لم توفر قيادات من حماس.

في ما بعد الاعتداء، ظهرت مجموعة من التصريحات تقريباً متشابهة في العمق من عدد من العواصم الغربية، تقول كما قالت الحكومة الألمانية: نحن نشجب الاعتداء على قطر، ولكن موقفنا من إسرائيل ما زال كما هو، وتعتبر هذه الدول «حماس» منظمة إرهابية، نوافق أو لا نوافق على ذلك الاقتراب السياسي، إلا أنه الواقع، سواء في باريس أو لندن أو واشنطن أو برلين، فالعالم الذي نعيش فيه ليس بالضرورة عادلاً، وعلينا أن نعرفه كما هو، لا كما تريد عاطفتنا أن نعرف.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد