عبده الأسمري
تعمّق علم النفس على مر عقود طويلة في «تحليل» الشخصية وتوصّل «العلماء» إلى اكتشافات جديدة تحول بعضها إلى «نظريات علمية» وظل «الباحثون» في سباق لتحليل السلوك الإنساني الذي يتباين بين «المألوف» و«الغريب» ويصل إلى مستويات من «الدهشة» والاستغراب.
تطورت مدارس علم النفس وتنوعت منهجيات «السلوك» وظل الإنسان محوراً للدراسة ومنبعاً للبحث واتجاهاً للاستقصاء.. ورغم هذا التطور إلا أنني أجزم أن هنالك الكثير من «الاكتشافات» لا تزال خلف ستار «المجهول» وأنا على يقين أن «الذكاء الاصطناعي» لا يستطيع فك «ألغاز» النفس البشرية «على وجه التحديد» لأنها تحتاج إلى تعمق «ملموس» وتحليل «عميق» قائم على «الشخوص» إلى أعماق «الحالات» و«التشخيص» وفق أعلى المستويات دون الاعتماد على «معلومات محفوظة» لا تستطيع تحديد وتفصيل وتقييم «المؤشرات والمقاييس والمعايير» المتعلِّقة بسلوكيات البشر.
مع تطور «الأزمنة» ظل التحليل النفسي مقتصراً على «دراسة أبعاد النمو» وقياس «مسببات» الاضطرابات النفسية والسلوكية ومحاولة حل «غموض» الشخصيات حادة «الاضطراب» وإيجاد «إجابات» لكل الأسئلة المتعلِّقة بالسلوك النادر والمستهجن والمستغرب والعدائي والإجرامي ولكن الأمر يتطلب وضع «المجهر» على التصرفات السلوكية «الدخيلة والجديدة والشاذة» لإضافة «الجديد» إلى منهجيات «الدراسة» ومناهج «البحث» ووضع «النقاط على حروف ظلت هائمة وعائمة تحت مظلة «التساؤل» و«الاستغراب» ووصلت إلى حد «الصدمة»! يجب أن يكون هنالك تحليل يتواءم مع «التطور التقني» الذي أظهر لنا «نماذج» واضحة «المعالم» لتكون منبعاً للبحث والتفصيل فما نراه في «وسائل التواصل الاجتماعي» خلال الوقت الحاضر يؤكد وجود اضطرابات جديدة ونادرة قد تكون امتداد تحليل نفسي لشخصيات «سابقة» على ذات السياق بشكل «جزئي» ولكنها كانت في محيطات «واقعية» بعيداً عن «العالم الافتراضي» حيث تحول ما نشاهده من «تصرفات» دخيلة إلى «وقائع» تجاوزت حتى حدود «الصبيانية» وأبعاد «السفه» إلى ما هو أبعد مما ينبئ بتحديث «سجلات» الاضطرابات لإضافة «مفاهيم» جديدة إلى حقائق «التشخيص» وطرائق «العلاج»!
الحياة في مجملها مجموعة من «الصراعات» ومحاولة حلها وفق «تعريفات» المنطق أما ما يحدث في هذا «المحيط» فهو من صنع الإنسان الذي أوجد تلك «التشكيلات» المختلفة من «الشخصيات» وأظهر السلوك في اتجاهات مختلفة تعكس «الثبات» و»الانضباط» و»الوعي» وأخرى تظهر «الخلل» و»الاضطراب» و»العلل» وقد تتداخل فيها موجات «الغرابة» مع طوفان «الاختلال». الأمر بحاجة عاجلة إلى «دراسات» تحليلية تفصيلية قائمة على بحث عميق في «المشاهد التقنية» وتعمق بحثي في «الشواهد السلوكية» خصوصاً مع تغيّرات البشر ومتغيّرات «الحياة» ووسط مد «عشوائي» للتقنية وصد منظم عن «الأصالة».
تكمن «القضية» في ابتعاد من المختصين والخبراء عن «محيط» التحليل النفسي والاعتماد على «دراسات سابقة» ظلت في حيز الحصول على مرتبة أكاديمية أو قيمة إضافية للسيرة الذاتية أو التركيز على «بحوث» جديدة ولكنها ظلت على «السطح» واتجهت نحو «الموضوعات» الدارجة أو المألوفة مما يقتضي البحث المتطور والمبتكر للوصول إلى «عمق» التشخيص و»أصل» الظاهرة و»جوهر «الدراسة مع تحليل «الشخصيات» و»الوقائع» وفق معطيات «الحاضر» وتنبؤات «المستقبل» مع ضرورة «الاستقراء» القائم على «مؤشرات» و»مقاييس» تجلت أمام مرأى «الحقيقة»!