: آخر تحديث

مستقبل الاستثمار الثقافي

4
4
4

مثلما تشهد قطاعات المملكة تطوراً ملحوظاً تحت مظلة رؤية المملكة 2030، يشهد قطاع الثقافة التطور مثله، بعدما حددت الرؤية ملامح تعاملها مع الثقافة، واعتبارها أحد المحركات الرئيسة لبناء مجتمع متماسك ومبدع، فضلاً عن اعتبارها أساساً للهوية الوطنية، وجسراً للتواصل مع العالم، وحرصاً من الدولة - أعزها الله - على تحقيق هذه الأهداف مجتمعة، سعت إلى تفعيل برامج الاستثمار في القطاع، واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من آلية التعامل مع المناسبات والمشاريع الثقافية.

تفعيل الاستثمار في الأحداث الثقافية، ينطلق من مفهوم راسخ اعتمدته الرؤية للنهوض بالمشهد الثقافي السعودي، وهو أن الثقافة ليست مجرد نشاط ترفيهي أو فكري، بل هو قطاع اقتصادي واعد، يمكن تطويعه بشكل أو بآخر، لتحقيق عوائد اقتصادية، تعزز من أحد أهداف الرؤية الرئيسة، وهو تنويع مصادر الدخل، وعدم اقتصارها على قطاع النفط، وانطلاقاً من هذا المفهوم، زاد اهتمام المملكة بالقطاع الثقافي، وأخذ مساراً صاعداً، بلغ ذروته بدعم القطاع بسلسلة من الإجراءات والتطورات، أبرزها تأسيس وزارة للثقافة عام 2018، وإنشاء إحدى عشر هيئة ثقافية متخصصة، تنضوي تحت لواء الوزارة، لكل منها مسار ثقافي خاص، ومن أبرزها هيئة للأدب والنشر والترجمة، وأخرى للموسيقى، وثالثة للأفلام، ورابعة للمسرح والفنون الأدائية وغيرها، وتأسس صندوق التنمية الثقافية عام 2021م، كأحد الصناديق التنموية التابعة لصندوق التنمية الوطني، بهدف دعم وتنمية القطاع الثقافي بمختلف مجالاته وتحقيق استدامته، وبجانب هذا وذاك، أطلقت الرؤية حزمة مشاريع ثقافية كبرى، ذات أهداف استثمارية، ليس أولها مشروع "العلا"، وليس آخرها مشروع "الدرعية" اللذين يجمعان بين التراث والثقافة والترفيه.

ويتوج مؤتمر الاستثمار الثقافي، الذي ينطلق نهاية الشهر الجاري، في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، الجهود الرسمية للارتقاء بخطط وبرامج المشهد الثقافي، واستثمار إمكانات القطاع ومناسباته، في صورة مشاريع استثمارية، تدر دخلاً على العاملين فيه، وتتبلور هذه الجهود في تحديد توجّهات القطاع، والتأسيس لمعايير وأنظمة، ترسم ملامح مستقبل القطاع، وتحفز على الاستثمار الثقافي، والإنتاج الإبداعي، محلياً ودولياً.

وتبشر رعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمؤتمر الاستثمار الثقافي في نسخته الأولى، بالكثير من التحولات الإيجابية التي سيشهدها القطاع الثقافي، وذلك في إطار حرص الدولة، ممثلة في وزارة الثقافة، على دفع مسيرة القطاع نحو طريق بعينه، يعتمد على تمكين هيئات القطاع، لتكون رافداً اقتصادياً، يدعم الاقتصاد الوطني، ويطور الصناعات الثقافية، وهو ما يضمن استدامة مناسبات القطاع، وتحقيق عوائد مالية، تُنفق على تطوير أداء الهيئات الثقافية، وتحسين نتاجها، وفق مستجدات المشهد الثقافي المحلي والإقليمي والدولي.

وتكمن أهمية المؤتمر، بفعالياته المختلفة، في أنه يؤسس لمبادئ من شأنها أن تعزز مستقبل الاستثمار الثقافي في المملكة، وترسخ التوجّهات الاستثمارية الحديثة المرتبطة بالأسواق الثقافية الناشئة، وفي مقدمتها السوق الثقافية الواعدة في المملكة، وتركز حوارات المؤتمر على منظور استراتيجي، ينطلق من محورية الثقافة في التنمية وبناء الإنسان، وتهيئة فضاءات حضارية متعددة، يجد فيها المبدعون مناخًا مثاليًا للتعبير الإبداعي، وتنمو معها سوق ثقافية، يستفيد منها المستهلك والمستثمر على حد سواء، وذلك لكون الثقافة أصلاً تنمويا، يؤثر في الناتج المحلي، ويُتيح فرص العمل والإنتاج لمختلف فئات المجتمع ذات الارتباط بالمجالات الثقافية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد