عبدالعزيز التميمي
الفنان مزاحم الناصري، تشكيلي من الدرجة الأولى المتميزة له انفرادية خاصة في كل النواحي... مفرداته في الحديث جميلة رشيقة سريعة الدخول إلى قلوب المتلقين. حضوره الفني مهم في كل المحافل الفنية العربية والعالمية... صاحب شخصية متميزة بين أقرانه الفنانيين العراقيين والعرب.
عرفت الناصري (1958) عن قرب، ومن أول حديث دار بيننا، عرفت منه أنه تلميذ أستاذنا الفنان العراقي الرحل فايق حسن، أحد أعلام الحركة التشكيلية العراقية الكبار، فلا غرابة إذاً عندما يتفوق التلميذ ويسير على درب أستاذه الكبير الذي ترك خلفه مدرسة فنية كان الفنان مزاحم الناصري أحد عناصرها، حيث أخذ ما علمه فايق حسن، وانتقل به إلى عالم التطوير والتقدم والتجديد.
بالإضافة إلى ما أضافت إليه الطبيعة البكر في العراق من عمق جميل في المخزون البصري لديه، فأشبع عينيه بمفردات المحيط الذي عاش به من طفولته وصباه وشبابه، فكان التطوير حليفه بسبب نظرته الواقعية للمنظور من حوله... فكان التفوق ظاهره العام... رسم البورتريه بجدارة الواثق من لمساته وخطوطه الخارجية.
أتقن رسم المناظر الطبيعية، فاستطاع أن يجيد مفردات الطبيعة من حوّله، الأشجار والنخيل، واستطاع تميز أنامله المتناسقة مع الفرشة والألوان بشكل احترافي... وثق الخيل ومزجه مع التراث العراقي، فكان الناصري حديث النقاد وأساتذة الفنون الجميلة الذين بصموا بالعشرة على انفرادية الفنان مزاحم الناصري، بجمالية أعماله وتميز لوحاته ذات الطابع الخاص من دون الحاجة إلى التوقيع عليها باسمه، لما تحمل من تقنية فنية متميزة تدل على أنها رسمت بريشة الفنان مزاحم الناصري...
فمدرسته التي يسير عليها قدمت أعمالاً تغلبت على الواقعية وتحدت السريالية وهزمت التجريد... تلك الأعمال بالغة الحداثة المستعصية على الكثيرين، من حيث التنفيذ، والسهلة المبسطة لقراءتها من دون القدرة على تنفيذها، كما هو الحال مع الشعر العربي إذا قلنا عنه «السهل الممتنع».
هكذا هو الفنان العراقي الأستاذ مزاحم الناصري، الذي يعلو شموخاً في عطائه الفني المتمكن، فيرفعه تواضعه الراقي بعيداً عن الغرور والتعالي على الآخرين، تاركاً للجميع الحرية التامة في تقبل أعماله الرائعة، واختيارها من بين مجموعة أعمال كثيرة لكبار القامات التشكيلية في العالم، حتى عرف الفنان مزاحم الناصري، كواحد من تلك القامات الفنية العالمية وبجدارة.
فالحق أقول إن الوقوف أمام أعماله لساعات وأيام لا يكفي إذا أردنا تحليلها وأخذها إلى بسط البحث والدراسة... فالناصري مدرسة فنية متجددة بثوب عربي أصيل يقدم أعماله بكل ثقة إلى خارج محيطه العربي، فيفهمها الغربيون وكانها لغة عالمية... كل واحد منهم يقرأها بلغته الخاصة.