: آخر تحديث

الحلم الذي حققه «فهد اليوسف».. بعد ربع قرن

4
4
3

تتجذّر ممارسة السحر والشعوذة في المجتمعات المتخلّفة، وتجد لها أرضية خصبة، يجني من ورائها النصابون والمشعوذون الكثير من المال السهل. كان هناك المدلك الشهير، الذي ناله ما يكفي من عقاب، بعد أن أصبح يمارس إخراج الجن من أجساد الموسوسين. وهناك المدعي الآخر، الذي استخدم الضرب في إخراج الجن من جسد مواطن مريض، فأدّى ذلك لمقتله، فحكم عليه بالسجن، لكن نجح أحبته «الملالوة» في إطلاق سراحه قبل نهاية محكوميته، ليحصل على الجنسية، ويمتهن جمع التبرعات، من خلال جمعيته وجمعيات الآخرين، فحقق الملايين، وبلغت به الجرأة أن تطاول على رموز البلاد، خلال «الربيع العربي»، فسحبت منه جنسيته، لكن تدخل «الملالوة»، للمرة العاشرة، وأعادوها له. ترك البلاد، بعد أن انتشرت إشاعات عن وجود نية لسحب جنسيته، وهو يعيش الآن بين البوسنة وتركيا، متمتعاً بأموال السذج والأغبياء، الذين تبرعوا له.

كما تمكّن رجال الداخلية من ضبط شخص آخر يمارس السحر والشعوذة، ويدعي التنبؤ بالغيب، لكنه عجز عن التنبؤ بقدوم الشرطة لوكره، وتبيّن، بعد تدقيق سجله الأمني، أنه من أصحاب السوابق، وسبق أن قبض عليه بالتهمة نفسها قبل عشرين عاماً؟ والسؤال: كيف دخل البلاد ثانية؟

كما أعلنت الداخلية، قبل أيام، عن ضبط عصابة من 12 رجلاً وامرأة، من جنسيات مختلفة، يمارسون السحر والشعوذة، ثم جاءت الضربة، التي انتظرتها لأكثر من 26 عاماً، حيث نجح رجال «فهد اليوسف» في القبض على مواطن يلقب نفسه بالشيخ، وهو يمارس علاج مختلف الأمراض، والعقم وتقريب الأزواج، وفك السحر، وطرد الجن (لكنه فشل في طرد «أنس» الداخلية) من خلال شقته في المهبولة، التي عُثر فيها على أدوات مختلفة تستخدم في عمليات النصب والاحتيال على الناس!

الطريف أو المحزن، في قصة هذا المواطن المشعوذ، ما اكتشفته، بعد نشر الداخلية لاسمه الرباعي في وسائل الإعلام، أنني سبق أن كتبت عن احتياله قبل 26 عاماً، في مقال شهير بعنوان «لماذا يا احمد بهبهاني؟»، بعدما رفض الأخير (المرحوم أحمد) رجائي بوقف نشر «خزعبلات» ذلك الدجال في مجلة «اليقظة»، التي كان يمتلكها، لأن نشرها كان يساهم في تخلّف المجتمع، فوق تخلّفه، وتحجّج المرحوم بأن ما ينشره هذا الشخص في اليقظة يساهم في زيادة مبيعاتها (!)، وهو العذر نفسه الذي نسمعه من القبس، مع الأسف، عندما نسألها عن سبب استمرارها في استضافة شخصيات معينة في الصندوق الأسود!

تضرّر الدجال في حينه من مقالي، فقام برفع دعوى قضائية علينا، لكنه خسرها في كل الدرجات، وبقي الثأر بيننا حتى اليوم، إلى أن أنصفنا فهد اليوسف، فشكراً له!

السؤال المُلح: كيف تمكّن المواطن من ممارسة أعمال السحر والشعوذة، وغالباً علناً، لأكثر من ثلاثين عاماً، وتحقيق ثروة طائلة، وتخريب حياة وعقول وأنفس آلاف المواطنين، من دون أن «تهتدي» السلطة المختصة له، ولغيرهم من المشعوذين؟ وأين كانت أعينها، لعقود، من كل هؤلاء الدجالين؟ وما الجهة أو الجهات التي سعت لإصدار الإقامات والزيارات لهم؟


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد