: آخر تحديث

اختفاء موسى الصدر... المجد للصحافة

2
1
2

شاهدتُ تحقيقاً صحافياً رائعاً من إنتاج شبكة «بي بي سي» البريطانية حول مصير رجل الدين والسياسة اللبناني - الإيراني الأصل، موسى الصدر، أو «الإمام» موسى الصدر، كما يدعونه أتباعه.

الرجل صاحب الظلّ الطويل اختفى في ليبيا عام 1978، حيث سافر في 25 أغسطس (آب) من ذلك العام إلى ليبيا بدعوة من زعيمها آنذاك العقيد معمر القذافي، وبعدها اختفى مصيره، الذي شرحه التحقيق أن الرجل، مع مرافقيه الاثنين، قُتلوا عقب الوصول إلى ليبيا بقليل على يد نظام القذّافي، لكن السؤال هو لماذا؟

لو كان الرجل حيّاً اليوم، كما يُصرُّ بعض أتباعه، لكان يبلغ من العمر قريباً من القرن إلا قليلاً، يعني الأرجح أنّه ميّتٌ، بسيف القذّافي، أو بسيف الشيخوخة.

الفريق الصحافي الذي قام بإنجاز هذا التحقيق المهني الشجاع، تعرّض هو أيضاً للأذى، حيث اعتقل الفريق لبضعة أيام، وربما كان مصيرهم ليكون مثل مصير من يجرون تحقيقاً عن مصيره!

لماذا قُتل موسى الصدر؟ ولماذا لا يريد الليبيون ولا أتباعه في لبنان المشاركة الحقيقية في البحث عن جواب هذا السؤال؟

من أهمّ ما وصل له الفريق هو الوصول إلى ثلَّاجة لحفظ الجثث عمرها أكثر من 30 عاماً، وتمّ الشك بواحدة من هذه الجثث أنها تعود لموسى الصدر، والصحافي حسن حمادة أخذ عيّنة منها، وعرض على ابن موسى الصدر، صدر الدين، إجراء فحوصات تطابق، لكن الرجل رفض، وكذلك القاضي المسؤول والأهمّ مسؤول حركة «أمل» الذي حضر اجتماع المواجهة مع صحافيين اثنين من «بي بي سي» وكلاهما من أصول لبنانية... فلماذا؟!

القاضي حسن الشامي، أحد المسؤولين الذين عيّنتهم الحكومة اللبنانية للتحقيق في اختفاء الصدر، قال إن «أمل» أخبرته أن عينة الشعر التي جلبها الصحافي فُقدت بسبب «خطأ تقني»!

سفير لبنان السابق لدى إيران، خليل الخليل، أكّد للفريق وجود رسالة من الصدر طلب فيها اجتماعاً مع الشاه كان مقرراً في 7 سبتمبر (أيلول) 1978.

خلاصة الرسالة التفاهم مع الشاه سياسياً، ومنع وصول المتطرفين الثوار (الجماعة الخمينية) لأخذ السلطة، هكذا قِيل.

كما أن موسى الصدر كان يسعى لإقناع القذّافي بمنع الجماعات الفلسطينية من استخدام أهل الجنوب اللبناني ومناطقهم في معاركهم مع إسرائيل.

اجتمعت مصلحة الفلسطينيين مع الإيرانيين الخمينيين، إذن، على تغييب الصدر، وكان هناك رجل إيراني ثوري مسؤول هو جلال الدين فارسي يقيم في ليبيا أثناء مقتلة الصدر ورفاقه، وكان القذّافي المتهّور مجرّد أداة قتل.

هذه هي الخلاصة التي خرج بها التحقيق الثري.

ربما أصابوا وربما استعجلوا النتائج، ليس هذا هو المهم - بنظري - الأهمّ أن العمل الصحافي «المحترم» والمهني هو الأبقى والأنفع، فالمجد للصحافة الحقيقية وللصحافيين الشجعان، ولا عزاء لقشريات السوشيال ميديا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد