: آخر تحديث

حين يتحدث المال بلغة الثقافة

3
3
3

في مشهد اقتصادي يزداد رسوخًا، أعلنت وزارة الاستثمار عن نتائج غير مسبوقة، تؤكد أن المملكة باتت اليوم وجهة عالمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة. فبين عامي 2017 و2024، تضاعفت التدفقات الاستثمارية أكثر من أربع مرات، لترتفع من 28.1 مليار ريال في 2017 إلى 119.2 مليار ريال في 2024. أما الرصيد التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر فقد قفز بنسبة 95 %، ليصل إلى 977.3 مليار ريال مقارنة بـ501.8 مليار ريال في 2017. ويكتسب هذا النمو قيمة إضافية عندما ندرك أن نحو 90 % من هذه التدفقات تركزت في القطاعات غير النفطية، ما يُبرز نجاح جهود التنويع الاقتصادي ضمن مستهدفات رؤية 2030.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل انعكاس لثقة المستثمرين في بيئة أعمال متطورة، وتأكيد على الإصلاحات الهيكلية التي طالت التشريعات، البنية التحتية، والشفافية الاقتصادية. كما أنها امتداد لما تناولناه سابقًا في مقالات عن النمو في القطاع غير النفطي وتحول الرياض إلى مركز مالي عالمي عبر KAFD، حيث تُترجم السياسات الوطنية إلى نتائج ملموسة تضع السعودية في موقع تنافسي متقدم.

وفي موازاة هذا الزخم المالي، تستضيف المملكة حدثًا لا يقل أهمية على المستوى الحضاري والثقافي. ففي 29–30 سبتمبر 2025، وتحت رعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، تُعقد في مسرح مركز الملك فهد الثقافي (الرياض) فعاليات مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025، بمشاركة أكثر من 100 خبير محلي ودولي يناقشون فرص الاستثمار في الثقافة والإبداع والاقتصاد المعرفي.

قال سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، ردًا على رعاية ولي العهد للمؤتمر:

"نعتقد أن الثقافة ليست مجرد انعكاسٍ للتراث والهوية، بل هي شكل جوهري من الاستثمار، قادر على دفع الفرص الاقتصادية، وتعزيز التفاهم المتبادل، وصياغة مستقبل عالمي أكثر إبداعًا واتصالًا".

الجمع بين الأرقام المالية الصلبة والآفاق الثقافية الرحبة يوضح ملامح استراتيجية سعودية استثنائية: اقتصاد متنوع لا يرتكز فقط على المشاريع التجارية والأسواق، بل أيضًا على المسرح والمتحف والمكتبة. إنها معادلة جديدة تجعل من الاستثمار قيمة شاملة تبدأ بالمليارات وتنتهي بالهوية والمبدعين.

فهكذا ترسم السعودية معادلة التنمية في القرن الحادي والعشرين: استثمار يجمع المال بالثقافة، القوة الاقتصادية بالقوة الناعمة، ليقود المملكة نحو مستقبل تتألق فيه الإنجازات ويحفظ فيها الإبداع روح الهوية الوطنية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد