حمود أبو طالب
لا سقف ولا حدود لمفاجآت الرئيس دونالد ترمب، منذ دخوله البيت الأبيض والعالم لا يستطيع التنبؤ بما يمكن أن يقرره كل يوم. إعصار من القرارات غير المسبوقة منذ جلوسه في المكتب البيضاوي، عصَف بالداخل والخارج، أربك حسابات مواطنيه ومعهم كل سكان الكوكب. وكان من آخر قراراته إصداره قراراً تنفيذياً يوم الجمعة الماضي بتغيير مسمى وزارة الدفاع إلى «وزارة الحرب»، وعلى وجه السرعة شاهدنا تغيير اللوحة في مبنى الوزارة، وأصبح وزير الدفاع وزيراً للحرب.
وفي تبريره لقراره، يقول الرئيس ترمب إن الاسم الجديد «أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهناً»، مضيفاً أنه «يبعث رسالة النصر» إلى العالم. ومن جهته برّر البيت الأبيض رغبة ترمب بتغيير الاسم بالقول إن «الرئيس يرى أن هذه الوزارة ينبغي أن تحمل اسماً يعكس قوتها التي لا تضاهى وقدرتها على حماية المصالح الوطنية»، مذكّراً بأن الولايات المتحدة تملك أكبر جيش في العالم، وأن الهدف هو فرض «السلام من خلال القوة»، وضمان «احترام العالم للولايات المتحدة مرة أخرى».
لقد عاد ترمب بالوزارة إلى اسمها القديم الذي تغير بعد انتهاء الحروب، ونشوء النظام العالمي الجديد، وقيام الأمم المتحدة. بعد الحرب العالمية الثانية التي حسمتها أمريكا بقنبلتها الذرية، خاضت أمريكا بعض الحروب كما في فيتنام وكوريا وغيرها، وتوترت علاقاتها إلى حد خطير مع الاتحاد السوفيتي، واكتسحت بلداناً كما حدث في أفغانستان والعراق، وواجهت أكبر هجوم إرهابي عليها بتدمير برجي التجارة في نيويورك، وحدثت توترات أوصلت العالم إلى حافة الهاوية، ورغم كل ذلك لم تقرر أمريكا تلبّس حالة الحرب بتغيير مسمى وزارة الدفاع.
ومع كل هذه التوجّسات لازال العالم يستحضر تصريحات الرئيس ترمب الذي قال لو أنه كان موجوداً في فترة سلفه لما حدثت حروب في العالم، وأن مهمته خلال ولايته إنهاء الحروب الراهنة، بل إنه يطمح أو يطمع لنيل جائزة نوبل للسلام، فكيف يتّسق ذلك مع تحويل وزارة دفاع أكبر جيش في العالم إلى وزارة حرب. من يريد ترمب أن يحارب، وعلى من يريد أن ينتصر، وكيف سيكون هذا أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهناً كما يقول، بينما العالم مازال يعوّل عليه، بحسب وعوده، بإنهاء الحروب والأزمات. ما الذي ستفعله أمريكا بالعالم الذي لم يعد يحتمل المزيد.