: آخر تحديث

شكراً أستراليا

1
1
1

أجمل ما قرأت وتلقيت من معلومة قبل يومين، أن أستراليا ستصدر قانوناً يحدد سن 16 عاماً.. كحدٍّ أدنى لإنشاء حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، سعياً وتعزيزاً لقيم الأسرة.

‏هذا القانون، كما ذكرت السفيرة الأسترالية، سيمنح الأطفال الأستراليين ثلاث سنوات إضافية ليتم تشكيل شخصياتهم من التجارب الواقعية، عوضاً عن الخوارزميات.

وأجمل ما ورد في تفاصيل هذا القانون، أنه سيمنح الأسر مساحةً من الراحة، ولن يكون بعده الأب أو الأم مضطرين للرد على تساؤلات أطفالهما ومقارناتهم، لماذا أنا وليس غيري؟!

‏فإذا ما برزت هذه التساؤلات عند الأطفال، سيكون الجواب القاطع حينها أن القانون يمنع ذلك، نقطة على السطر.

أخيراً، تنبَّه واعترف العالم، أن الدخول المبكر للأطفال لهذا العالم الرقمي، خلق مشاكل وهموماً لم يعد الوالدان قادرين على استيعابها ولا المجتمع أيضاً.

إن المحتوى المتاح في قنوات ومواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها، هو اليوم متاح للجميع، من دون أدنى محاذير وحسابات خاصة للفئةً العمرية ما بين ١٣ و١٦ عاماً، مراعاة للأسس التربوية العميقة.

بالفعل، أصبح اليوم تشكيل الهوية لأي متابع هو «اللايك» وليس التجارب الواقعية، ما زاد من فرص إصابة أطفالنا ومراهقينا بأمراض نفسية واجتماعية، وهذا أدى إلى ازدياد انتشار القلق والاكتئاب لدى المراهقين عالمياً بنسب كبيرة.

‏اليوم أطفالنا لا يواجهون سوى جمهور افتراضي، ومهاراتهم أصبحت تتطور من وراء شاشات الهواتف، حتى أصبح القول إنهم «يتربَّون على السوشيال ميديا أكثر من تربية أسرهم»، قولاً أقربَ للواقع.

خطورة الموضوع على هذه المرحلة العمرية، أن الفتاة أو الفتى يتأثران من المقارنة في المظاهر الفاخرة التي يعرضها المؤثرون، دون إدراك لجدية ما يمكن أن يخلفه عليهما من اضطرابات نفسية، وزعزعة الثقة بالنفس، وتشكيل صور ذهنية مشوهة عن النجاح والجمال الحقيقيين.

إلا أن هذا القانون وحده لا يكفي، لأن إدمان الأهالي أنفسهم والمحتويات التي يمكن أن يراها الطفل في أجهزتهم، يمثلان ضغطاً على هذه الفئة من الأطفال، ما قد يجدون فيه منطلقاً لمحاولات سرقة مشاهد من هنا وهناك.

نحن بحاجة أكثر لثقافة أسرية واعية، تتفهم مثل هذه القوانين وتعرف كيف تتعامل معها، إضافة لإيجاد بدائل حقيقية قابلة للتطبيق، من خلال برامج مجتمعية وترفيهية وبدائل حقيقية.

لنتعاون كلنا لإعادة الطفولة لأطفالنا، قبل أن تضيع وتتوه في عالم مفتوح، تختلط به مجموعة من المخاطر، من خلال تدفقات لمحتوى لا متناهٍ، خليط ما بين العنف وتفاهة المنطق والتفكير، والقدوات التي يتابعونها.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد