في الجانب الآخر، يزداد إصرار الوزارة او مؤسسة الإسكان على توفير مساكن للمواطنين، على نظام الفيلا، على الرغم من كل عيوب هذا النظام وتكلفته المخيفة، وما يشكله من عبء على كل الخدمات والمرافق، من ماء وكهرباء وطرق ومجارٍ وأمن وإضاءة، في حركة توسع أفقية مدمرة للبيئة ولثروات الدولة، وفيما يشبه الجريمة بحق الوطن والمواطن. فهناك أكثر من 30 ألف بيت جارٍ الانتهاء من تشييدها في المطلاع، وغيرها. وهناك 55 ألف فيلا سيتم الاتفاق على بنائها، غالباً مع المطورين العالميين، على مساحة من 80 إلى 110 كلم²، في منطقة الصابرية. وهناك مشروع في منطقة الخيران، سيحتوي على 60 ألف بيت سكن، وسيقام على مساحة 135 كلم². ومشروع مدينة نواف الأحمد، لبناء 50 ألف بيت، على مساحة 125 ألف كلم². وستشكل كل هذه المشاريع الضخمة توسعاً خطيراً وضغطاً على الرقعة السكانية، مع احتمال تورُّط نسبة كبيرة من ملاكها، مستقبلاً، في مصاعب مالية، نتيجة التوسع في الاقتراض لشراء البيت وتجهيزه.
على الرغم من أن بعض هذه المشاريع تتضمن عمارات فيها شقق سكنية، فإن نسبتها في أي مشروع قليلة. كما أن مواصفاتها وتشطيبها متواضعان جداً، وخالية تقريباً من أية إطلالات مغرية، وتنقصها الخدمات المميزة. وبإجراء مقارنة سريعة بين نظام الشقق والفيلا، نجد التالي:
سيكون هناك استغلال أفضل للأراضي، في نظام الشقق. كما سيتم بناء أكبر عدد من الوحدات السكنية. وسيتم توفير مواقف سيارات مظللة، في السرداب، وستكون تكلفة الخدمات أقل بكثير. كما ستكون تكاليف الصيانة متهاودة، والحاجة لاستخدام السيارة، حتى لشراء علبة كبريت، قليلة جداً، مع توافر خدمات كثيرة داخل المجمع، يمكن الوصول لها مشياً، وبسهولة. كما سيكون هناك تواصل وتآلف أكبر بين الجيران، وستكون خدمات المجمعات متوافرة للجميع، سواء كان نادياً رياضياً، أو حمامات سباحة، وحدائق للأطفال، وقاعة للمناسبات، وخلاف ذلك من خدمات.
أتمنى قيام مسؤولي مؤسسة الرعاية السكنية بزيارة مشروع «حصة المبارك»، وخلق نموذج حكومي منه، فبناء عشرة أو عشرين منها سيغير ليس فقط الوجه السكني والعمراني للكويت، بل سيقلل كثيراً من الهدر غير المقبول ولا المعقول، لبناء ما يزيد على 200 ألف بيت في السنوات العشر المقبلة، وهذا ما أعتبره بحكم الجريمة العلنية، بحق الوطن والمواطن.
أحمد الصراف

