: آخر تحديث

استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية

2
1
1

أعلنت OpenAI مؤخرًا عن تحديث جديد في سياسات استخدام منصتها ChatGPT، يقضي بعدم تقديمها استشارات مهنية في المجالات الطبية أو القانونية أو المالية، وهذا التحديث يعكس إدراكًا متناميًا داخل كبرى شركات التقنية لأهمية الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، وإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة، بحيث تظلّ الأداة خادمة لا مسيطرة.

فالذكاء الاصطناعي يتقدم بخطى سريعة، ويتحول كل يوم إلى شريكٍ في تفاصيل الحياة.. في التعليم، والإدارة، والطب، والإعلام، والتخطيط الاقتصادي، وهذا الحضور المتزايد يفرض نوعًا جديدًا من الوعي والالتزام، لأن التعامل مع التقنية أصبح ثقافة عملٍ جديدة تتطلب أن نبحث أخلاقياتها وحدود مسؤولياتها.. ومثل كل تطورٍ جديد، يحمل الذكاء الاصطناعي فرصًا ومخاطر، حيث إن قدرته على التعلم والتحليل السريع تفتح آفاقًا كبيرة للإبداع، لكنها في الوقت نفسه تضع الإنسان أمام تحدٍ حقيقي في إدارة هذه القدرة وتوجيهها التوجيه الصحيح.

ففي الإعلام مثلًا، تمثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي أداةً قوية لتسريع العمل وتحسين جودته؛ إذ يمكنها تحليل كمٍّ هائل من المعلومات، واستخلاص الاتجاهات، ورصد الأنماط في ثوانٍ، غير أن هذه القدرة تحتاج إلى مراجعة بشرية مستمرة، لأن دقة المعلومة لا تكتمل من دون تدقيقٍ مهني.. فالتقنية تُعيد إنتاج ما يُقدَّم لها من بيانات، ولهذا فإن إشراف الإنسان ضروري لحماية المصداقية المهنية من التزييف أو المبالغة.

الاستخدام المسؤول يبدأ من المستخدم نفسه؛ حين يدرك أن التقنية تساعده ولا تحل محله، وأنها تحتاج إلى إشراف دائم ومراجعة واعية، ليصبح قادرًا على ضبطها وتوجيهها نحو الفائدة.. فأدوات الذكاء الاصطناعي مرآةٌ لمن يستخدمها، تعكس نضجه وكفاءة استخدامه وقدرته على تسخيرها.. وهو فرصة لتوسيع قدرات الإنسان وتعزيز إنتاجه، لكنه قد يتحول إلى عبءٍ إذا أُسيء استخدامه. والتعامل الواعي معه هو الذي يضمن أن تبقى التقنية مساندة لا مسيطرة.

المستقبل اليوم يرتبط بمدى قدرتنا على إدارة أدوات الذكاء الاصطناعي بحكمةٍ ومسؤولية، من منطلق أن التقدم الحقيقي هو أن نُسخّر التقنية لخدمة الإنسان وتنمية فكره، لا أن نسمح لها أن تحل محله أو تفرض عليه طريقتها في التفكير والتحليل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد