: آخر تحديث

بناء الوطن وفكر «الإخوان» لا يلتقيان

2
3
3

عبدالعزيز سلطان المعمري

عندما تواجه الدول أو المجتمعات أزمات كبرى، ينبغي الفهم والاستيعاب أن الضجيج والصوت العالي لا قيمة له مقابل الحقائق، وأن الادعاءات لا وزن لها مقابل الأفعال، وأن الخطابات الرنانة لا تأثير لها مقابل الواقع والنتائج الملموسة، هنا في الوضع والحالة السودانية، تتجلى لنا الصورة بوضوح تام.

هناك مساران لا ثالث لهما لمستقبل الدولة السودانية، مسار تتبناه حكومة بفكر الدولة، تبني وتغيث وتقدم الدعم للمواطن السوداني، والمسار الثاني تتبناه جماعة لا تعرف سوى الهدم والتخريب والدمار ونشر الفتنة والتحريض. بين المسارين يكمن الفرق، السياسة عندما تكون في خدمة الإنسان، والسياسة عندما تكون استثمار في ألم الإنسان.

منذ اندلاع الأزمة السودانية، اتخذت دولة الإمارات موقفاً واضحاً، لا اصطفاف مع طرف، ولا انحياز مع أحد، ولا خيار غير السلام، ولا أولوية تعلو على مصلحة الإنسان، هذا هو النهج الإماراتي الثابت في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية، كذلك هذا ما تثبته الحقائق والأرقام.

تعتبر دولة الإمارات من أكبر الداعمين الإنسانيين للشعب السوداني، وما زالت مستمرة، وقد أعلن مؤخراً معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات ستعلن عن تقديم دعم إنساني بقيمة 100 مليون دولار للسودان، وأن هذا الدعم سيُخصص بشكل رئيس لمساعدة المتضررين في مختلف المناطق السودانية.

منذ بدء الأزمة، لم يتوقف جسر الإغاثة الإماراتي الذي تضمن عشرات الطائرات المحملة بالدواء والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى المستشفيات الميدانية والقوافل الغذائية، دولة الإمارات تتعامل مع السودان كوضع إنساني، وتركز على الإنسان ووضعه واحتياجاته، لذا حين انشغل الآخرون بتوزيع الاتهامات وخلق الأكاذيب ونشر الشائعات، تحركت دولة الإمارات لمساعدة المحتاجين وتقديم الدعم والمساندة لهم من الغذاء والعلاج، هذه هي السياسة الإماراتية التي تؤمن أن قيمة الدول تقاس بعطائها لا بثرواتها.

هناك رفض من قبل قيادة الجيش السوداني التي تسيطر عليها جماعة «الإخوان» للهدنة الإنسانية بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وفق المبادرة التي طرحتها مجموعة الرباعية الدولية، التي تضم كلاً من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة، التي نصت على وقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر وبدء حوار سوداني - سوداني يؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر.

لفهم قرارات أو تحركات جماعة «الإخوان» فهم فكرها وسلوكها، فهي تتعامل مع الأزمات كما يتعامل التاجر مع بضاعته، لذا علينا أن نعي أن موقف الإخوان من الوضع في السودان يمكن فهمه من خلال فهم مبدأهم من السلام، فهذه الجماعة لا تتبنى ولا تهدف إلى الاستقرار، بل هي قائمة على نشر الفتنة والاضطراب؛ ولا تبحث عن الحلول، بل تصنع الأزمات.

منذ تأسيس تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، تبنت خطاباً قائماً على خداع الناس وإيهامهم بوجود عدو، بالتالي يعملون على خلق جمهور غاضب، وهنا يجب عليهم تعبئته وضخ الكره والحقد فيه ضد الآخرين، كما أن الأزمات يجب ألا تُحل، وفق رؤيتهم، بل يجب أن تُدار ويستفاد منها كاستثمار سياسي، لذا ليس من المصادفة أن تكون دولة الإمارات هي هدفهم الرئيس لحملاتهم الإعلامية القذرة، فالإمارات هي الدولة التي تمثّل النموذج الذي يكشف ويفضح زيف المشروع الإخواني.

لن يقبل «الإخوان» بالسلام والاستقرار في السودان، لأن السلام وتشكيل حكومة مدنية مستقلة يضع السودان على طريق الدولة القائمة على مصلحة الإنسان، وهذا يتعارض مع مصلحتهم وأهدافهم وفكرهم الآيديولوجي وعقيدتهم التي لا تؤمن بالأوطان.

السودان لا يحتاج إلى مزيد من «المزايدات الثورية»، ولا إلى «الخطب المنمقة»، بل يحتاج إلى من يقدّم له ما قدّمته دولة الإمارات: غذاء لا بيانات، إغاثة لا تحريض، جسور إنسانية لا جسور تخوين، ومبادرات سلام واستقرار لا منصّات صراخ وردح.

الحقيقة أن المعركة ليست بين دولة الإمارات وجماعة «الإخوان»، بل بين مشروع إنساني ومشروع شيطاني، بين من يبني الأوطان ومن يهدم ويدمر المجتمعات، من يستغل الموارد للتنمية ومن يستغل الأزمات للهدم، بين من يبني ويصنع الإنسان ومن يقدّس الجماعة والتنظيم، إن بناء الوطن وخدمة الإنسان لا يمكن أن يلتقيا مع فكر جماعة «الإخوان».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد