عبدالله خلف
زعم قوم أنه لا ذنب على أهل الهوى ولا وِزر، وأن خطاياهم تمحّص عنهم بطول يلائهم وكثرة زفراتهم وما لقوا من الشقاء والبلاء.
وخبر أحمد بن يحيى عن عبدالله بن شبيب، عن رجل ذكره قال، كنت عند مالك بن أنس، فأتاه شاب، فقال إني قد قلت أبياتاً ذكرتك فيها فاسمعها قال لا حاجة لي فيها قال هات:
سلوا مالك المفتي عن اللهو والصبا
وحب الحسان المغنجات الفوارك
يخبركم إني مصاب وإنما
أسلي هموم النفس عني بذلك
فهل من محب يكتم الحب والهوى
أثام وهل في ضمة المتهالك
فسرى عن مالك وقال لا، إن شاء الله.
أخبرني احمد بن يحيى ثعلب، عن عبدالله بن شبيب، عن شيخ عاملة قال، مر ابن مرجانة الشاعر بسعيد بن المسيب، فقال هذا ابن مرجانة قالوا نعم هذا الذي يقول:
سألت سعيد بن المسيب مفتي الـ
مدينة هل في حب دهماء من وِزر
فقال سعيد بن المسيب:
إنما تلام على ما تستطيع من الأمر
والله ما سألني إنسان عن شيء
من هذا ولو سألني لأجبت
قال سئل شريك بن عبدالله القاضي، عن العشاق، فقال أشدهم حباً أعظمهم أجراً، وأنشد أحمد بن يحيى:
فوالله ما أدري وإني لسائل
بمكة أهل العلم: هل في الهوى وزر
وهل في اكتحال العين بالعين ريبة
إذا ما التقى الالفان لا بل به اجر
ما العشق في الأحرار مستنكر
وما على العاشق من وزر
إذا قبل الإنسان إنسان يشتهى
ثناياه لم يأثم وكان له أجر
فإن زاد الله في حسناته
منا قيل يمحو الله عنه بها وزرا
وقال سائب في رواية كثير، حضرت مع كثير عند أبي عتيق، فأنشدنا ابن قيس الرقيات:
خبروني هل على رجل
عاشق في قبلة حرج
فقال كثير: لا إن شاء الله ونهض، وأنشد علي بن العباس الرومي:
أيها العاشق المعذب اصبر
فخطيات ذي الهوى مغفورة
زفرة في الهوى احط لذنب
من غزاة وحجة مبرورة
المرجع: (الظرف والظرفاء- لأبي الطيب محمد إسحاق الوشاء) صفحة 163

