: آخر تحديث

الصندوق الأصفر

1
2
1

سهوب بغدادي

دائمًا ما تتكرر معضلة ضياع وفقد الأشياء بشكل مؤقت، كالذي يبحث عن نظارته ليجدها فوق رأسه، إذ نعتاد وجود الأشياء في مكانها دون التفكير الواعي فيها، فالشخص الذي يريد ارتداء الملابس يكتفي بالمشي دون تكلّف إلى خزانته، إلا أنه قد لا يجد قطعة معينة من الملابس فيبحث عنها مرارًا في كل الأرجاء دون فائدة، إلى أن يقرر الاستسلام وسؤال الوالدة -حفظ الله أمهاتكم ورحم من رحل منهن- لتؤكد له أن كل شيء في مكانه المعتاد، إلا أنه يصر بثقة على عدم وجود ما يبحث عنه إطلاقًا، فيحين وقت الجملة الشهيرة والمثيرة للقلق، «وإذا جيت ولقيته؟» بالفعل، ستأتي الوالدة وتناولك ما كنت تبحث عنه في لمح البصر بعد أن ترمقك بنظرة ثاقبة! قد تعزى هذه الظاهرة إلى ما يُعرف بالانتباه الانتقائي، عندما يصب الفرد انتباهه على شيء محدد للدرجة التي تدفعه لتجاهل أشياء أخرى تقع ضمن مجال ومحيط بصره، أيضًا، قد يشكِّل الضغط والتركيز في وقت قصير سببًا مؤديًا للإجهاد الذهني، كمحاولتك إيجاد مفاتيح السيارة قبل موعد العمل بنصف ساعة، إن أحد أهم الأمور أن تكون مجهدًا من الأساس أو في حالة غير متزنة، كإصابتك بالصداع، أو المرض، أو القلق العام وانشغال البال من حدث معين، أو وجود تشويش في المحيط كأصوات مرتفعة وبكاء أطفال وغيرها من المعطيات المتداخلة في مجرى يومنا، إلا أن هناك ظاهرة أكثر عمقًا، تُعرف بظاهرة اختفاء الأشياء DOP the Disappearing Object Phenomenon

والفارق في الموضوع أنك إذا طلبت من والدتك البحث عن الشيء فلن تجده، يا للهول! نعم، قد تختفي بعض الأشياء إلى الأبد دون سبب مقنع، وأستذكر حتى اليوم «عيدية» عبارة عن صندوق بحجم الذراع به أغراض ثمينة، اشتريته مع مجموعة هدايا أخرى لأفراد أسرتي، لنفترض أن عددها خمسة، بالتأكيد، بحثت عنه مرارًا دون فائدة، وطلبت من الآخرين أن يبحثوا معي، ثم توسعت في عملية البحث إلى السيارة دون جدوى، إن الأمر المثير للحنق أنني التقطت صورة للهدايا ولا يزال الصندوق الأصفر يظهر فيها من عامين حتى هذه اللحظة، فما الخطب؟ لقد وصلت إلى مرحلة اليأس فذهبت وابتعت هديةً بديلة، وسيبقى الصندوق الأصفر لغزًا محيرًا بالنسبة لي ولكل من اشترك في عملية التنقيب عنه، قال لي البعض إن السبب «بسم الله الرحمن الرحيم»، فبحثت عن الموضوع تحت المسمى المذكور أعلاه لأجد قصصًا مشابهة إلا أن البعض يفسّر الظاهرة علميًا بأننا في بعد محدد وهناك أبعاد أخرى، وفي بعض الأحيان يحدث خلل بين الأبعاد فيسقط شيء ما من بعد إلى آخر! كم شعرت بالسذاجة حقًا عندما قرأت تلك التفسيرات، إلا أنها التفسير غير المنطقي المتبقي، كما يجب أن ندعو الله بالبركة عند شراء شيء وفي حال ضياعه ألا ننسى الاستعانة بالله من الأدعية المأثورة: «اللَّهم رب الضالة هادي الضالة رازق الضالة رد الي ضالتي برحمتك يا أرحم الراحمين».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد