: آخر تحديث

العقود مع طرف ذي علاقة حولت بعض الشركات إلى البقرة الحلوب!

3
3
3

محمد سليمان العنقري

الحقيقة، التعجب ليس من وجود هذا النوع من التعاملات للشركات، إنما في عدم وضوح كيفية ترسيتها على من يملكون القرار، بسبب وجود ملكية كبيرة مؤثرة في اعتماد هذه العقود، فبعد أن الزمت هيئة السوق المالية الشركات بمعايير الإفصاح والشفافية منذ سنوات بدأت تتضح كثير من طبيعة عقود التشغيل والتوريد والمقاولات والخدمات للشركات المساهمة خصوصاً التي بالأساس عائلية أو الصغيرة والمتوسطة، وبعض الشركات الكبيرة، لكن مع اختلاف طبيعة عقودها ودور الأطراف ذوي العلاقة في ذلك حيث تكون مع شركات شقيقة للشركة الأم وأعضاء مجلس إدارتها يكونون هم رأس جهاز الإدارة لتلك الشركة الفرعية أي الترسية تكون بحكم ملكية الشركة الأم وليس لمن يمثلها في الشركة التابعة أو الشقيقة.

وبالعودة للعقود مع ذوي العلاقة فإن التساؤل الأولي هو ما هي معايير الحوكمة المطبقة داخل الشركة حتى يتم اختيار شركات يملكها أحد كبار ملاك الشركة والذي يشغل منصبا فيها بمجلس الإدارة، فصحيح أن هذه العقود تعرض على الجمعية العامة للتصويت على اعتمادها أو رفضها باعتبار أن ذلك من باب حوكمتها التي تعطي عموم المساهمين الحق في تأييد أو رفض العقد، لكن كل تلك العقود يتم الموافقة عليها بسبب وجود ملكية كبيرة للأطراف ذوي العلاقة مما يمنحهم القدرة على تمرير أي قرار من الجمعية العامة بحكم تأثير نسبة أصواتهم الحاسمة غالباً فهم يملكون أكثر من 50 بالمائة من الأسهم التي تشارك بالتصويت باعتبار أن حضور المساهمين عامةً لا يصل إلى النسبة الكاملة وأحياناً تكون ملكيتهم بأسهم الشركة أعلى من النصف وهذا يمنحهم القوة للتصويت بالموافقة على العقود.

ومن مبدأ ايضاح الصورة للمساهمين عن كيفية اختيار الشركة المساهمة لشركات يملكها طرف ذو علاقة فإنه من المهم إعادة النظر بمدى فاعلية الحوكمة المطبقة لفصل الملكية عن الإدارة وكذلك الإفصاح بالجمعيات عن كيفية اختيار الشركة للطرف ذي العلاقة هل هو بسبب ندرة من يقدمون هذه الخدمة وهل قدمت مناقصات وفتحت مظاريف وتم اختيار الأفضل فنياً ومالياً ومن هي الشركات التي نافست على هذا العقد أي يفصح عن العروض التي تأهلت للمرحلة النهائية بذكر الأسماء وقيمة عرضهم والمبررات لاختيار الشركة التي تعود لطرف ذي علاقة، فعندما نقرأ عن عقد تأجير مبنى أو ترسية عقد مقاولات أو خدمات في الشركات المساهمة والتي تعرض على الجمعية العامة فإن السؤال هل كان هناك منافسون آخرون، فكل تلك المجالات يوجد آلاف الشركات التي تقدم ذات الخدمة أي لا يوجد ندرة بمجال هذه الأعمال يبرر اختيار شركة الطرف ذي العلاقة.

وهو ما يتطلب ابتكار أنظمة تغير هذه التوجهات وتجعلها أكثر وضوحاً وتعطي القدرة للمساهم بالتأثير عند تقويته على هذه البنود بالجمعيات العامة عبر عدة احتمالات لتعديل الآليات على سبيل المثال يتم ربط اختيار الشركة الأفضل بلجنة المراجعة بعد تغيير طريقة اختيار أعضائها بحيث لا يقلون عن أربعة أو خمسة مستقلين ويكون ترشيحهم بشكل مباشر للجمعية مثل ترشيح أي شخص لعضوية مجلس الإدارة وأن لا يسمح أن يكون فيها أي عضو من مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية إضافة إلى «منع تصويت الطرف ذي العلاقة أو من له صلة قرابة أو شراكة معه من ملاك الحصص الكبيرة بأسهم الشركة على اعتماد العقود مع أطراف ذوي علاقة» حيث توضع عقوبات كبيرة على من يتحايل على هذا البند بالنظام إذا تم تعديله مما يعطي بقية المساهمين وزنا أكبر بالتصويت ويمنع تمرير تلك العقود إلا إذا كانت فعلاً مناسبة لطبيعة أعمال الشركة وبتقدير مالي جيد إضافة إلى تغيير الإفصاح عن الملكيات بحيث تعلن أي ملكية نسبتها من واحد بالمائة فأعلى وخمسة بالمائة المطبقة حالياً مع استمرار عدم مطالبة من يملك أقل من خمسة المائة بعدم الإفصاح أو الإشعار عن سبب تقليص ملكيته ويضاف لذلك منح أي مالك أسهما تقل نسبتها عن واحد بالمائة مثلاً ميزة مضاعفة وزن صوته على أي قرار للجمعية مما يعيد التوازن لتأثير الملكيات الصغيرة بقرارات الجمعيات العامة للشركات إضافة لضرورة إعادة النظر بالآليات التي يمكن تعديلها لتحفيز مشاركة العدد الأكبر من ملاك أسهم الشركة.

ظاهرة عقود مع أطراف ذوي علاقة بدأت تثير التساؤلات لدى المساهمين حول حوكمتها خصوصاً أن بعض الشركات تبلغ قيمة هذه العقود مبالغ ضخمة قياساً بحجم إيراداتها ومصاريفها ورأس مالها وقيمتها السوقية وعند النظر بالجانب الذي يخص المساهمين الآخرين من غير كبار الملاك أو أعضاء مجلس الإدارة فإنهم أما لا توزع عليهم أرباح سنوية أو أن الشركة رغم كل تلك الفائدة للأطراف ذوي العلاقة فإنها تحقق خسائر وبعضها تآكل جزء كبير من رأس مالها وتكرر ذلك عدة مرات وقاموا بشطب تلك الخسائر وإعادة رفع رأس المال عبر اكتتابات حقوق الأولوية ومع ذلك لا جديد حيث تتكرر الخسائر بينما كبار ملاك أسهمهم مستفيدة من تلك العقود وتحقق لهم مكاسب ضخمة جداً أي بعضهم أصبح يعنيهم فقط استمرار الشركة لأجل تلك العقود بعيداً عما تحققه من نتائج سنوية لا تعود بالنفع على بقية المساهمين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد